٤٢١ - الحارث بن أسد أبو عبد الله المحاسبي، البغدادي.
• قال إسماعيل بن إسحاق السراج: قال لي أحمد بن حنبل يوما: يبلغني أن الحارث هذا، يعني المحاسبي، يكثر الكون عندك، فلو أحضرته منزلك، وأجلستني من حيث لا يراني فأسمع كلامه. فقلت: السمع والطاعة لك يا أبا عبد الله، وسرني هذا الابتداء من أبي عبد الله، فقصدت الحارث وسألته أن يحضرنا تلك الليلة. فقلت: وتسل أصحابك أن يحضروا معك. فقال: يا إسماعيل فيهم كثرة، فلا تزدهم على الكسب والتمر، وأكثر منهما ما استطعت. ففعلت ما أمرني به، وانصرفت إلى أبي عبد الله فأخبرته، فحضر بعد المغرب، وصعد غرفة في الدار، فاجتهد في ورده إلى أن فرغ، وحضر الحارث وأصحابه فأكلوا، ثم قاموا لصلاة العتمة، ولم يصلوا بعدها وقعدوا بين يدي الحارث، وهو سكوت لا ينطق واحد منهم، إلى قريب من نصف الليل، فابتدأ واحد منهم، وسأل الحارث عن مسألة، فأخذ في الكلام، وأصحابه يستمعون، وكأن على رؤوسهم الطير، فمنهم من يبكي، ومنهم من يزعق، وهو في كلامه، فصعدت الغرفة لأتعرف حال أبي عبد الله، فوجدته قد بكى حتى غشي عليه، فانصرفت إليهم، ولم تزل تلك حالهم حتى أصبحوا، فقاموا وتفرقوا، فصعدت إلى أبي عبد الله وهو متغير الحال. فقلت: كيف رأيت هؤلاء يا أبا عبد الله؟ فقال: ما أعلم أني رأيت مثل هؤلاء القوم، ولا سمعت في علم الحقائق مثل كلام هذا الرجل، وعلى ما وصفت من أحوالهم، فإني لا