رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما عداه فهو ضلال وعمى، وإن كان رأي مالك، فما بالك بهراء غيره.
فرحم الله أحمد بن حنبل، رحمة تسع ذنبه، وتستر عيبه، وحشره الله يوم القيامة مع من أحب واتبع. آمين.
[حول أراء الإمام أحمد في الجرح والتعديل]
من المعروف عند المشتغلين بعلم الحديث، أن العلماء الذين كتبوا في الحكم على الرواة من جرح أو تعديل، فإنما كان كل واحد من هؤلاء يصدر عن منتهى ما وصل إليه علمه، فقد كان الحكم علي الراوي يصدر عن:
١ - معرفة من عاصروه، وعاشو معه، وخبروه، وتبين لهم صدقه من كذبه.
٢ - مجموع مروياته، ثم تقارن هذه المرويات بما روى غيره، إذا اتفقا في الشيخ الواحد، فإن كثرت مخالفته للثقات طرحوا حديثه، وان قلت. قالوا: له مناكير، وبينوها، وإن انفرد بما لم يتابع عليه، نظروا، فإن كان ثقة حملوا عنه، وإن كان ضعيفًا تركوا روايته، وهكذا.
ومن هنا، لم يتم التسليم مطلقًا، لكل عامل، بما وصل إليه من حكم على رجل من الرجال، فقد يعرف شيئًا، ويغيب عنه أضعاف ما وصل إليه.
والإمام أحمد في هذا الباب وصل إلى درجة قل ما وصل إليها غيره.
لكن الذي أخذنا عليه فيه، ورأيناه قد جانب الصواب، ولم يسدد، هو حكمه برد حديث بعض كبار علماء الحديث، ممن كان في رتبته، أو زاد عليها، وذلك بسبب فتنة خلق القرآن.
لقد رد حديثهم، لا لأنهم كذبوا ني الحديث، أو خالفوا الثقات، ولكن لسبب يعذر الله تعالى به.
فقد أكرهوا علي أن يقولوا: القرآن مخلوق، وذلك من حكام هذا العصر الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد.
ومن هؤلاء الذين تكلم فيهم الإمام أحمد، بسبب هذه الفتنة، علي بن المديني، ويحيي بن معين، وغيرهما ممن هم في طبقة الإمام أحمد علمًا وعملاً.
فعلى طالب العلم أن يلاحظ ذلك، وأن لا يقع هو الآخر في هذه الفتنة، ونحن هنا لا ندافع عن الذين قالوا: القرآن مخلوق، والعياذ برب الفلق، بل نقول: قالوا مضطرين،