للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث أم هاني وإنما شُبِّهَ على القوم لأجل أنّه - صلى الله عليه وسلم - لم يستبح أموالها ولا قسّمها بين الغانمين فلما رأى الشافعيّ هذا وخروجه عن الأصل اعتقد أنه صلح وهذا لا تعلق له فيه لأن الغنيمة لا يملكها الغانمون بنفس القِتال على قول كثير من أصحابنا وللإمام أن يخرجها عن الغانمين ويمنَّ على الأسرى بأنفسهم وحريمهم وأموالهم وكأنه - صلى الله عليه وسلم - رأى مِن المصلحة بعدَ إثخانهم والإستيلاء عليهم أن يبقيَهم لحرمة العشيرة وحرمَة البلد وما رجا من إسلامهم وتكثير عدد المسلمين بهم فلا يُردُّ ما قدمناه من الأدلة الواضحة بمثل هذا المحتمل. وقد قال بعض العلماء: يمنع من بيع بيوتها لقوله عز وجل {سَوَاءٌ العَاكف فِيهِ والبَادِ} (٥٦).

وقد حُكيَ منع بيعها وكراء دُورها عن مالك وذكر أبو جعفر الأبهري عنه أنه كره بيعَهَا وكراءها فإن بيعت أو أكريت لم يفسخ، وكان بعض شيوخنا يستقري من المدوّنة الجوازَ من قوله في فضّ الكِراء (٥٧) إذا انهارت البئر: إنّه يُفضّ قال في مثل دُور مكة في نَفاقها أيام الموسم وقد اختلف هل مُنَّ بها على أهلها أو أقرت للمسلمين فعلى القول بأنهّا أقرت للمسلمين يجب الفسخ وعلى القول بأنّه مُنَّ بها على أهلها يجب الجواز وقد تقع الكراهَة حرصا على المواسَاةِ وندبا إليها لشدّة حاجة الناس وضرورتهم ومراعاة للخلاف، وذكر ابن عباس (٥٨) عن النّبيء - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مكة كلّها مباح لا تباع رباعها ولا تؤاجر بيوتها".

قوله: "فما أشرف لهم يومئذ أحد إلاّ أناموه" (ص ١٤٠٧).


(٥٦) ٢٥ - الحج.
(٥٧) في (ج) في قبض الكِراء.
(٥٨) في (ج) عن ابن عبّاس.

<<  <  ج: ص:  >  >>