سدّ الأمر واتسع الخرق، فكان شفاء الغليل مقتل أبي علي ابن خلدون الذي طمت الانتفاضة بسبب مقتله.
استضعاف المُعِزّ:
وكان حدوث كل هذا لما توفي باديس والد المعز الصنهاجي، وكان ذلك يوم الجمعة منتصف المحرم (٤٠٧) حين قدم المعز إلى القيروان (٣٠). وبهذا قابل أهل القيروان المعز بن باديس لما حلّ بها ولعل ذلك لأنهم استصغروا سنَّهُ لأنه لما وُلّي كان له من العمر ثمان سنين والمتصرفة السيدة أم ملال أخت باديس فاغتنم أهل القيروان هذه الفرصة لإِعلان غضبهم. وقد كان السرور عظيما بهذه الغضبة وارتاحت النفوس كلها لها لما اطلعوا على الكتب التي ظهرت بعد الانتفاضة، وفيها من التعطيل للشريعة وإباحة المحارم الشيء الكثير حيث علموا أنها لم تكن من العامة غير مبنية على أمر أساسي يدعو إلى مثل تلك القساوة.
ولو لم يطلع المتزنون على تلك الكتب لكان لهم موقف آخر في ردع العامة ومساندة رجال المعز في إطفاء نار هذه الغضبة، لكن لما وقفوا على تلك الكتب انسرت النفوس، وعلموا أنها وإن اندفعت في أول الأمر حسب إشاعات، لكنها تحققت بعد ذلك، وتبين الصبح لذي عينين، وأن هناك تعطيلا للإِسلام.
أسباب الإِعلان بالسنة:
لا يتردد المطلع الباحث أن هذا الغضب الذي قابل به أهل القيروان المعز ابن بديس لما حل بين أظهرهم، وهو صغير السن، من الأسباب الأولى التي جعلت المعز الصنهاجي يتفكر في التخلص من الفاطميين أولاً من التبعية وهو