إيمانهم الحوادث ولا يقف في وجههم شيء، وبذلك أيأسه من أن يطمع في إدخالهم في عهده، ولا أخذ البيعة منهم.
فإذا كان الذي هو أضعفهم يقينا لو نُشِر بين اثنين ما فارق مذهب مالك رضي الله عنه فكيف بعد هذا يطمع في مناداتهم وعرضه عليهم ما عرضه على ابن التبان.
فهذا التضامن من مشيخة القيروان في رد اليد العادية أفسح المجال لابن أبى زيد وأضرابه في إقامة الحق، وتثبيت ما غرس من مذهب مالك.
وكانت وفاة ابن أبي زيد صاحب الأيادي البيضاء على السنة وبالأخص مذهب مالك سنة (٣٨٦).
ولولا أنه توفي قبل الثورة العارمة من أهل القيروان لناله من القتل والتعذيب ما نال غيره من الذين ساروا على غراره وتمسكوا بالمالكية ضد العُبَيْدية.
[دور المقاومة]
إن الجو الذي خلَّفه ابن الحداد وابن أبي زيد والقابسي وأضرابهم جعل الشعب يذهب إلى تلك الثورة لأنه كان على السنة والفواطم أبدوا وجههم الحقيقي في الدعوة العُبَيْدية فانطلقت الشرارة الأولى في تلك السنة (٤٠٧).
وصنهاجة في تلك الفترة كانت بين عاملين عامل الولاء للدولة الأم، وهي الدولة الفاطمية، وعامل الخوف من الشعب الذي كان في غليان ضد العبيديين، ولهذا كانت صنهاجة أمام عاملين: عالم إرضاء العبيديين في مصر الذين لا يتهاونون بدعوتهم لأنها أساس ملكهم، وعامل إرضاء الشعب الإفريقي المتحمّس للسنة أشد التحمس.
فلهذا لما انتفضت إفريقية انتفضت كلّها على العبيديين بسبب إعلان الحاكم عن مذهبه الذي تغالى فيه أشد التغالي فإن من كان قبله من الأمراء