سئل المازري عن حال كتاب إحياء علوم الدين للغزالي فتكلم فيه تكلم منصف دون أن يموه أو يذكر ما ليس واقعاً. فذكر لنا الغزالي وكيف تقلب بين أحوال مختلفة ...
وهاهنا نقطة هامة وهي أن هذا التقلب ذكره الغزالي ونسبه لنفسه على جهة اطلاعه بحيث لم يعلق بأفكاره شيء من ذلك بل مرت عليه هذه الأحوال مرًّا خفيفاً بحيث لم تترك أثرا في نفسه كما وضحه في كتابه المنقذ من الضلال.
ووقف عند هذه النقطة المازري، وجعله متأثراً بذلك تأثراً عميقاً، ونضع أيدينا على كلام المازري حتى نعرف مدى هذا التأثر الذي وقع فيه الغزالي، ولم يتفطن له نفسه بل ظن كما ذكرنا أنه استطاع أن يخلّص نفسه من مطالعاته وجولاته المتعددة في ميادين شتى وعلوم مختلفة.
فهذا ما يذكره المازري عنه: "وأما علم الكلام الذي هو أصول الدين فإنه صنّف فيه أيضاً وليس بالمستبحر، ولقد فطنت لسبب عدم استبحاره وذلك أنه قرأ علم الفلسفة قبل استبحاره في فن أصول الدين فأكسبته قراءة