لم نعرف شيئاً سلب خاصية الإِنسان وأعطاه خاصية أخرى إلا كتاب الله الكريم وسنة رسوله عليه أفضل الصلاة والتسليم، فهما المصدران اللذان حققا للإِنسان أن يعرف ما كان يجهله، وأن يحيط بنفسه علماً.
أما كيمياء السعادة فلم نعرف له من التأثير شيئاً مذكرراً خرج بإنسان عصره إلى حياة أخرى كما صنع القرآن بالأمم التي اعتنقت الإِسلام واقتدت به.
فلم يكن المازري مخطئاً فيما عرف به الغزالي فإنه كان ينظر إلى مجتمعه نظرة غير النظرة التي ينظر بها غيره إلى مجتمعاتهم فهو يرى كلَّ الأصناف مخطئة محتالة كما عبر عنه في أول الإِحياء.
بينما صاحب المعلم يتواضع ولا يَجْري وراء التعالى والتعاظم ويبدو هذا في كتاباته وعناوين تآليفه نرى صاحبه يعنون بمثل إحياء علوم الدين وهو نجده يعنون بما يدل على التواضع في كتابه هذا حيث سماه بالمعلم بفوائد مسلم.
وشتان بين التسميتين فذاك يرى أن تأليفه إحياء لعلوم الدين التي أماتها الأصناف الثلاثة: وهم العلماء المترسمون الذين استحوذ عليهم الشيطان فحصروا العلم في الفتاوى بفصل الخصام والانصراف للجدل، وزخرفة السجع في الوعظ لاستدراج العامة، وهذا يتصاغر وَيرى أنه مجرد معْلِم بالفوائد وحتى إذا احتاج إلى الرد على مخالفيه رد عليهم بلطف ولين فلا يهاجم مهاجمة صاحب الإِحياء.
[واقعية وخيالية]
يقف الرجلان من الشريعة الإِسلامية موقفين متباينين فالغزالي يذكر في