للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقول فيه القاضي عياض في المدارك: "هو الملقب بسيف السنة، ولسان الأمة، المتكلم على لسان أهل الحديث، وطريق أبي الحسن الأشعري، وإليه انتهت رئاسة المالكيين في وقته. وكان حسن الفقه عظيم الجدل، وكانت له بجامع المنصور ببغداد حلقة عظيمة" (١٠٦).

[الذب عن الأشعرية]

اشتمل المعلم على جملة صالحة من المسائل التي اختلفت فيها الأشعرية مع المعتزلة وانتصر فيها المازري لمذهبه العقائدي، ولكنه في انتصاره كان معتدلاً حتى أنك لا تشعر بأنه مائل إلى مذهب دون آخر، فحين يضع لديك مذهب المعتزلة الذين هم خصومه لا تدري أنهم خصومه حيث يأتي بمذهبهم دون تحامل عليهم؛ فها هو في طالعة كتابه يتعرَّض لمذهب الأشاعرة والمعتزلة في الكذب فيأتي أولاً بمذهب الأشاعرة، ثم يأتي بعد ذلك بمذهب المعتزلة فلو أنك تقتصر على بعض كلامه لا تدري أهو أشعري أم معتزلي لأنه لم يزلق قلمه في شتمهم ولا في النيل منهم.

وحين ينتقدهم كذلك ينتقدهم بدون أن يكون هناك تحامل أو إظهار ميل فكان رصيناً في عرضه للمذهبين كما كان رصيناً في انتقاده على المعتزلة.

فدونك شاهداً على ما نقول: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَليَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".

قال الشيخ أيده الله: "الكذب عند الأشعرية الإِخبار عن الأمر على ما ليس هو به، هذا حد الكذب عندهم ولا يشترطون في كونه كذباً العَمد والقصد إليه خلافاً للمعتزلة في اشتراطهم ذلك. ودليل هذا الخطاب يرد عليهم لأنه يدل على أن ما لم يتعمد يقع عليه اسم الكذب".


(١٠٦) المدارك في ترجمة الباقلاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>