تجمعت مصادر المعلم في الاستنباط من الحديث في ذكائه النادر، وعلمه الجم، فإنه يعد من أول شرَّاح الحديث الذين فتحوا باب الاستنباط من السنة النبوية لأن من تقدمه انصرفت عنايتهم إما للسند، وإما لغريب الحديث، وهما اللذان اعتمد فيهما المصادر المتقدمة.
ولما كانت تحريراته إنما هي من استخراجه بفكره الثاقب دعا ذلك كما تقدم تعجب ابن دقيق العيد من الإِمام المازري كيف لم يدَّعِ الاجتهاد، وهو قد وصل إلى درجته وبلغ في أقواله مبلغ الأئَمة المجتهدين كما تقدّم.
وإذا اطلع المطلع على كتابه المعلم يحكم بما حكم به ابن دقيق العيد من أنه وصل إلى تلك الدرجة لما أتى به في المعلم من تحريرات وأنظار لا تصدر إلا عمن بلغ مبلغ الاجتهاد.
ثم إنه في علم الفقه من أفذاذه ولهذا اعتمد عليه خليل في مختصره الذي بناه على ما به الفتوى، فمصدره علم الفقه من كنزه الذي لا ينفد، ولهذا حين يذكر الفقهيات يذكرها لا لكونها من مصادر بل لأنها مما يتناوله استنباطه ونظره.