للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الهروي وغيره: والإِهاب يجمع على الأُهُب والأَهَبُ يعني (بضم الهمزة والهاء وبفتحهما أيضاً).

قال الشيخ -وفقه الله-: ورد في جلد الميتة أحاديث مختلفة واختلف الناس أيضاً في جلد الميتة. فقال أحمد بن حنبل: لا ينتفع به وأجاز ابن شهاب الانتفاع به والجمهور على منع الانتفاع به قبل الدباغ، ومختلفون في الجلد الذي يؤثر فيه الدباغ؛ فعند أبى يوسف وداود أنه يؤثر في سائر الجلود حتى الخنزير. ومذهبنا ومذهب أبي حنيفة والشافعي هكذا، إلا أننا وأبا حنيفة والشافعي نستثني الخنزير ويزيد الشافعي في استثنائه الكلب وألحق الأوزاعي وأبو ثور بهذا الذي استثناه جلد ما لا يؤكل لحمه. واتفق كل من رأى الدباغ مؤثرا في جواز الانتفاع على أنه يؤثر في إثبات الطهارة الكاملة سوى مالك في إحدى الروايتين عنه فإنه منع أن تؤثر الطهارة الكاملة (٨٧). وهذا يجب أن يعتبر فيه قوله سبحانه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ المَيّتَةُ} (٨٨) فإن سلم أن الجلد حيٌّ دخل في هذا الظاهر (٨٩) وكان ما يورد من الأحاديث بتخصيصه تخصيصاً لعموم القرآن بأخبار الآحاد. وفي ذلك اختلاف بين أهل الأصول، والخلاف المتقدم كله يدور على خبرين متعارضين: ما الذي يستعمل منهما والمستعمل منهما ما مقتضاه؟ فأخذ ابن حنبل بقوله: "لَا تَنْتَفعُوا مِنَ المَيتَةِ بِإهَابٍ (٩٠) وَلَا عصَب". وأخذ الجمهور بقوله - صلى الله عليه وسلم - "إذَا دُبغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ". وهذا الحديث خاص والعام يردّ إلى الخاص ويكون الخاص بياناً له.

وقال بعض هؤلاء: الحديث خرج على سبب وهو شاة ميمونة -رضي


(٨٧) في (ج) "الطهارة الكلية".
(٨٨) سورة المائدة.
(٨٩) في (ج) و (د) "الطاهر" والصواب ما أثبتناه وهو ما في (أ) و (ب).
(٩٠) في (ج) "شيء بإهاب ولا عَصَب".

<<  <  ج: ص:  >  >>