للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا كالصّوَر، مع كون هذا الحديث يَقتضي ظاهره عنده خَلق آدم على صورته فقد صارت صورة الباري سبحانه على صورة آدم عليه السلام على ظاهر هذا على أصله فكيف يكون على صورة آدم ويقول: إنها لا كالصوّر. هذا تناقض. ويقال له أيضا: إن أردت بقولك صورة لا كالصور أنّه ليس بمؤلف ولا مركب فليس بصورة على الحقيقة وأنت مثبت تَسمِيَةً (٤١) تفيد في اللّغة معنى مستحِيلاً عليه تعالى مع نفي ذلك المعنى فَلم تعط اللفظ حقّه وَلمَ تجرِه على ظاهره فإذا سلمت أنه ليس على ظاهره فقد وافقت على افتقاره إلى التَّأَويل. وهذا الذي نقول به فإذا ثَبَت افتقاره إلى التأويل قلنا اختلف الناس في تأويله فمنهم من أعاد الضمير إلى المَضروب وذكر أن في بعض طرق الحديت أنه سمعه - صلى الله عليه وسلم - يقول: قبح الله وجهك ووجه من أشبهك أو نحو هذا فقال - صلى الله عليه وسلم - ما قال إما عَلىَ هذه الرواية وهي شتم من أشبهه فبينَّ وجه هذا التعليل لأنه إذا شتم من أشبهه (٤٢) فكأنّه شتم آدم وغيره من الأنبياء عليهم السلام وإنما ذكر الأول تنبيها عليه وعلى بنيه وأما على هذا الذي وقع في كتاب مسلم فيحتمل أن يكون تعبد الله سبحانه بتخصيص الوجه بهذه الكرامة لشبهه باَدم إجلالا لآدم - صلى الله عليه وسلم - ولا يبقى على هذا إلاّ أن يقال (٤٣) فيجب أن يجتنب ما سواه من الَأعضاء المشبهة لآدم. وجواب هذا: أنّه لَا يبعد أن يكون الله سبحانه يتعبد بما شاء ولم يجعل هذه العلة جارية مطردة، وقد اختصَّ الوجه بأمور جليلة ليست في غيره من الأعضاء لأن فيه السمعَ والبصر، وبالبصر يُدرك العالمَ وُيرَى ما فيه (من العجائبَ الدّالة على عظم الله


(٤١) في (ج) تقسيمة.
(٤٢) وفي (ج) زيادة نصها (إذا شتم من أشبهك وآدم يشهبا) ولعله يشبهك.
(٤٣) في (ج) زيادة نصها (إنّه لا يبعد ان يكون الله سبحانه).

<<  <  ج: ص:  >  >>