للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إنما يحسن إذا روي لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - مَجرَّدا من السبَبِ مقتصرا منه عَلىَ قَوله: "إنَّ الله خَلَقَ آدَمَ على صورته" وأما ذكر السبب أو ذكر جميعِ مَا حَكَاه مسلِم عنه - صلى الله عليه وسلم - "إذا قَاتَل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته" فإنه لا يحسن صرف الضمير لآدَمَ لأنه ينفي أن يكون بين السَّبَب أو صَدرِ الكلام وآخره ارتباط ويصيرَ الكلام وما وقع في كتاب مسلم من معنى (٤٧) المتنافر. وقد روي أنه روي مختصرا مقتصرا فيه على ما قلناه فقال فيه بعض ائمّتنا هو من اختصار بعض الرواة.

وقال اَخرون فإن الضمير يعود إلى الله سبحانه ويكون له وجهان: أحدهما أن يراد بالصورة الصفة كما يقال: صورة فلان عند السلطان كذا بمعنى صِفَته كذا. ولما كان آدم عليه السلام امتاز بصفات من الكمال بتميزٍ بالعقل والنّطق عن البهائم وبالنبّوة عن سائر بَنِيه سوى النّبيئين منهم (وله فضائل اختصّ بها فكأنّه شبّهه من هذه الجهة باختصاص الله سبحانه) (٤٨) بالرفعة والجلال لا سيما وقد أمر الملائكة بالسجود له والسجود لا يكون إلَاّ لله وإن كانت الملائكة إنما سجدت له طاعة لله عزّ وجلّ. هذا المعنى ذكره بعض أصحابنا وفي التشبيهِ بُعْدٌ.

والوجه الثاني عند أصحاب هذا التّأويل أن تكون إضافة الصورة إضافةَ تشريفٍ واختصاصٍ كما قيل في الكعبةِ بيت الله وإن كانت البيوت كلّها لَه عزّ وجهه وكما قال تعالى {نَاقَةَ اللَّهِ} (٤٩) إلى غير ذلك مما وقع في


(٤٧) في (ب) و (ج) في معنى.
(٤٨) ما بين القوسين ساقط من (ب).
(٤٩) (١٣) الشمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>