فهذا الإِمام الجليل أحمد بن حنبل، والعلامة اللغوي الأصمعي كيف وقفا من تفسير الغريب في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكيف بغيرهما.
ولا نعجب بعد الموقفين المتقدمين من المازري في تحرّيه واعتماده على مصادر عديدة عن علماء كثيرين اعتنوا بتفسير الغريب في الحديث النبوي.
تتبع المازري في تفسير الغريب الكتب العُمَد في هذا العلم وهي:
- كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام الذي جمع فيه وأجاد واستقصى وصار قدوة في هذا الشأن.
- ابن قتيبة في كتابه المشهور فتتبع ما فاته كما قال:"وقد كنت زمانا أرى كتاب أبي عبيد قد جمع تفسير غريب الحديث، وأن الناظر فيه مستغن به. ثم تعقبت ذلك بالنظر والتفتيش والمذاكرة فوجدت ما ترك نحوا مما ذكر فتتبعت ما أغفل وفسرت على نحو ما فسر، وأرجو أن لا يكون بقي بعد هذين الكتابين من غريب الحديث ما يكون لأحد فيه مقال"(٣).
وإن اعتمد المازري على هذين الكتابين اعتمد على غيرهما كل من الكتب الأمهات وقد صرف عناية خاصة كما سيتضع لكتاب الغريبين للهروي.
واستوعب المازري الكتب التي كانت في عصره كما يتضح بالوقوف على مصادره في الغريب.
وندرك دقة هذا الموقف في الغريب وأن تحرّي المازري كان تحرياً في بابه بما ذكره ابن الصلاح الذي عاش بعد عصره والمتوفى سنة (٦٤٣) في كتابه المشتهر بمقدمة بن الصلاح إذ عقد لغريب الحديث فصلاً خاصاً، وهو النوع الثاني والثلاثون في معرفة غريب الحديث، فذكر: "هذا فن