للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولم يقف ابن خلكان على شيء عن أخباره سوى أنه كان يصحب أبا منصور الأزهري اللغوي، وعليه اشتغل وبه انتفع وتخرّج.

اعتنى صاحب كتاب الغريبين فيه بتفسير غريب القرآن الكريم، وكذلك الحديث النبوي الشريف، وصار عمدة الباحثين وممن اعتمده في غريب الحديث ابن الأثير في كتابه النهاية، ويشير إليه بحرف الهاء. وقد بين ابن الأثير مزية هذا الكتاب وقيمته: "فلما كان زمن أبي عبيد أحمد بن محمد الهروي صاحب الإِمام أبي منصور الأزهري اللغوي وكان في زمن الخطابي وبعده وفي طبقته صنف كتابه المشهور السائر في الجمع بين غريبي القرآن العزيز والحديث ورتبه مقفى على حروف المعجم على وضع لم يسبق في غريب القرآن والحديث إليه، فاستخرت الكلمات اللغوية الغريبة من أماكنها وأثبتها في حروفها، وذكر معانيها، إذ كان الغرض والمقصد من هذا التصنيف معرفة الكلمة الغريبة لغة وإعراباً ومعنى، لا معرفة متون الأحاديث والآثار وطُرُق أسانيدها، وأسماء رواتها، فإن ذلك علم مستقل بنفسه مشهور بين أهله.

ثم جمع فيه من غريب الحديث مع كتاب أبي عبيد معمر، وابن قتيبة وغيرهما ممن تقدم عصره من مصنفي الغريب، مع ما أضاف إليه مما تبعه من كلمات لم تكن في واحد من الكتب المصنفه من قبله. فجاء كتابه جامعاً في الحسن بين الإِحاطة والوضع، فإذا أراد الإِنسان كلمة غريبة وجدها في حرفها بغير تعب إلا أنه جاء الحديث مفرقاً في حرف كلماته حيث كان هو المقصود والغرض. فانتشر كتابه بهذا التسهيل والتيسر في البلاد والأمصار، وصار هو العمدة في غريب الحديث والآثار. وما زال الناس بعده يقتفون هديه، ويتبعون أثره، ويشكرون له سعيه، ويستدركون ما فاته من غريب الحديث والآثار" (٤).


(٤) النهاية (ج ١ ص ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>