للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دولة صنهاجة على نفسها فقد افترق ملكها إلى دولتين (٣٧): دولة منصور ابن بلكين، أصحاب القيروان، ودولة حماد بن بلكين أصحاب القلعة، وهناك غيرهما.

والفتنة السياسية أول وهن في الدولة الصنهاجية التي عاش في أيامها المازري وليس هناك افتراق إلى دولتين فحسب، بل وراء ذلك ما وراءه حيث إن كل شق من الدولتين إذا أحس من نفسه القوة أراد التغلب على الشق الآخر.

فالمعز بن باديس الصنهاجي لما أحس من نفسه القوة بعد الاقتسام نهض إلى حماد، وذلك سنة ٤٣٢، ولكنه خاب في حملته فلم يعاود الفتنة.

ومن آخر الفتن بين الشقين أن يحيى بن العزنى صاحب بجاية أرسل بأسطول لحصار المهدية وأرفق تلك الحملة البحرية بحملة بريّة لامتلاك المهدية فاستعان الحسن بأسطول رُجار صاحب صقلية فكان ذلك من أسباب سقوط هذه المدينة.

ثم افترقت دولة صنهاجة بالقيروان على نفسها فكانت المدن الساحلية تستقل تارة عن العاصمة المهدية وترجع أخرى رجوعا ظاهريا تحت ضغط القوة، فكان بنو خرسان بتونس، وكان بنو جامع بقابس، وكان رافع بطرابلس، وحمّو البرغواطي بصافقس، واستقلت بنزرت وطبربة وغير ذلك من الحصون.

فالتفكك قد عمّ أطراف الدولة الصنهاجية وفي هذه الفترة التي تفككت فيها البلاد عاش المازري ورأى أثرها في أمته التي أصبحت فريسة سائغة للمتغلبين من النرمان الذين تغلبوا على صقلية وداسوا بأقدامهم ترابها حتى خرجت من الإِسلام. وبجانب هذا الانقسام السياسي كان هناك انقسام آخر


(٣٧) ابن خلدون ج٦ ص ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>