للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله سبحانه: {أوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} (٦٦) أي لصق بالتراب من فقره. يقال: ترب الرجل، إذا افتقر، وأترب، إذا استغنى. قال: وفي الحديث "عَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ ترِبِتْ يَدَاك" (٦٧) قال ابن عرفة: أراد تربت يداك إن لم تفعل ما أمرتك [به] (٦٨). قال ابن الأنباري: معناه لله درّك إذا ما استعملت ما أمرتك به واتعظت بعظتي.

قال الشيخ -وفقه الله-: هذا اللفظ وشبهه يجري على ألسنة العرب من غير قصد للدعاء وعلى ذلك يحمل ما وقع له - صلى الله عليه وسلم - مع زوجتيه المذكورتين. وقد وقع في رسالة البديع أن قال: وقد يوحش اللفظ وكله وِدٌّ ويكره الشيء وليس من فعله بُدّ. هذه العرب تقول: لا أب لك للشيء إذا أهمّ، وقاتله الله، ولا يريدون الذم، وَوَيْلُ أُمِّهَ، للأمر إذا تم للألباب في هذا الباب أن تنظر إلى القول وقائله، فإن كان وليا فهو الولاء وإن خَشُن، وإن كان عدوا فهو البلاء وإن حَسُن.

قال الهروي: وقال النبيء - صلى الله عليه وسلم - في حديث خُزيمة: "أنِعم صباحاً تربت يداك" يدل على أنه ليس بدعاء عليه بل هو دعاء له وترغيب في استعمال ما تقدمت الوصاة به. ألا تراه قال: أنعم صباحاً، ثم أعقبها بتربت يداك والعرب تقول: لا أب لك ولا أم لك، يريدون: لله درك ومنه قول الشاعر: [الطويل]

هَوَتْ أمُّهُ مَا يَبْعَثُ الصُّبْحُ غَادِيًا ... وَمَاذَا يُؤَدِّي اللَّيْلُ حِينَ يَؤُوبُ

فظاهره: أهلكه الله، وباطنه: لله درّه.


(٦٦) (١٦) سورة البلد.
(٦٧) الحديث في مسلم في (باب استحباب نكاح ذات الدين من كتاب الرضاع).
(٦٨) من (ب) ص ١٠٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>