للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخذ ذلك من حديث ميمونة هذا وليس فيه تصريح بل هو محتمل لها، لأن قولها: "توضّأ وضوءه للصلاة" الأظهر فيه إكمال الوضوء. وقولها آخرا "تنحّى فغسل رجليه" يحتمل أن يكون لأجل ما نالهما من تلك البقعة.

وأما تنشيف الماء عن الأعضاء في الطهارة فلا خلاف أنه لا يحرم ولا يستحب، ولكن هل يكره ذلك؟ فللصحابة فيه ثلاثة أقوال: فروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قَال: لَا يُكْرَهُ في الوضوء ولا في الغسل، وبه قال مالك والثوري. وحجتهم (٧١) ما رواه قيس بن سعد بن عبادة، قال: "دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فوضعنا لَهُ الغَسْلَ فاغْتَسَلَ فَأتَيْتُهُ بِمِلْحَفَةٍ فالتحف فَرَأيْتُ المَاءَ وَالْوَرْسَ عَلَى كَتِفَيْهِ".

وروى معاذ أنه عليه السلام "كَانَ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ" فدل ذلك على أنه لا يكره.

وروي عن ابن عمر أنه كرهه فيهما. وبه قال ابن أبي ليلى وإليه مال أصحاب الشافعي. وحجتهم ظاهر حديث ميمونة ولأنه أثر عبادة فكره قطعه كدم الشهيد وكخلوف فم الصائم على أصل من نهى عنه (٧٢).

وروي عن ابن عباس أنه يكرهه في الوضوء دون الغسل. وحجته ما روي "أن أم سلمة ناولته الثوب ليتنشف به فلم يأخذه وقال: إني أحب أن يبقى عليّ وضوئي" ولم يثبت عنده في الغسل دليل قاطع على الكراهة فأجازه.


(٧١) من قوله "وأمَّا تنشيف الماء إلى قوله وحجتهم" في (ج) فقرة أخرى هذا نصها: "قال الشيخ: وأما التمسح بالمنديل فمن الناس من كرهه في الغسل والوضوء، ومنهم من أجازه فيهما، ومنهم من كرهه في الغُسْل خاصة، فمذهب مالك رحمه الله أنه لا يكره في الوضوء ولا في الغسل، وبه أخذ الثوري، وروي ذلك عن أنس بن مالك وحجتهم ... ".
(٧٢) في (ج) زيادة نصها: "وحجة من أجازه بما روى في غير هذا الحديث من الإجازة. ووجه التفرقة لأنه إنما وقع في الغسل خاصة فقُصِر عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>