ومن أحكامها الكمال والإِجزاء في هذا الحديث، فيحمل اللفظ على العموم فيهما. وأنكر هذا بعض المحققين لأن العموم لا يصح دعواه فيما يتنافى. ولا شك أن نفي الكمال يشعر بحصول الإِجزاء. فإذا قدروا الإِجزاء منتفيا بحق العموم قدّر ثابتاً بحق إشعار نفي الكمال بثبوته، وهذا يتناقض، وما يتناقض لا يحمل الكلام عليه وصار المحققون إلى التوقف بين نفي الإِجزاء ونفي الكمال، وادعوا الاحتمال من هذه الجهة لا مما قال الأولون، فعلى هذه المذاهب يُخرّج قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا صلاة ... " الحديث.
١٩٦ - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأ فِيهَا بِأمّ القُرْآنِ فَهْيَ خِدَاجٌ"(ص ٢٩٦).
قال الهروي وغيره: الخداج: النقصان، يقال: خدجت الناقة، إذا ألقت ولدها قبل أوان النتاج وإن كان تام الخلق. وأخدجته: إذا ولدته ناقص الخلق وإن كان لتمام الحمل. ومنه قيل لذي الثدية: مُخْدَج اليد، أي ناقصها.
قال أبو بكر قوله: فهي خداج أي ذات خداج، فحذف ذات وأقيم الخداج مقامه على مذهبهم في الاختصار. ويجوز أن يكون المعنى فيه مخدجة، أي ناقصة فأحل المصدر محل الفعل كما قالوا: عبد الله إقبال وإدبار، وهم يريدون: مقبل ومدبر.
قال الشيخ -وفقه الله-: إذا ثبت أن المراد بقوله: "خداج" أي ناقصة فقد يستدل به من حمل قوله "لا صلاة " في الحديث المتقدم على نفي الكمال لأن إثبات النقص المراد به نفي الكمال.
١٩٧ - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلاةِ فَكَبّر ثم اقْرَأ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا" الحديث (ص ٢٩٨).
قال الشيخ -وفقه الله-: قوله: "اقرأ ما تيسر معك من القرآن"