وقد اختلف في ذلك شيوخنا فقال بعضهم: لا تصح الصلاة بالمسمع لأن المقتدي به اقتدى بغير الإِمام، وقال بعضهم: بل تصح لأن المسمع عَلَمٌ على الإِمام فكان مقتديا بالإِمام، وقال بعضهم: إن أذِن الإِمام للمسمِّع في الإِسماع صح الاقتداء به لأنه يصير حينئذ من اقتدى به اقتدى بالإِمام لما كان على إذنه. وحديث أبي بكر -رضي الله عنه- الذي ذكرناه في الطريقين جميعاً حجةٌ لمن أجاز.
٢٠٥ - وقد ذكر مسلم بعد هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث آخر لأصحابه:"تَقَدَّمُوا فَائْتَمُّوا بِي وَليَأتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكمْ" الحديث (ص ٣٢٥).
فأجاز الائتمام بمن ائتم به، ولا فرق بين الاقتداء بالفاعل أو القائل. وقد بوب النسائي على هذا الحديث: الائتمام بمن ائْتَمَّ بالإِمام، كما بوب البخاري أيضاً على الحديث الذي قدمناه: باب من أسمع الناس تكبيرة الإِحرام.
٢٠٦ - وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ"(ص ٣١٨).
فقيل معناه: إنه أراد - صلى الله عليه وسلم - ذمّ التصفيق في الصلاة، لأنه من فعل النساء في غير الصلاة. وقيل: بل معناه تخصيص النساء بالتصفيق في الصلاة وإِن ذلك يجوز لهن لا لكم.
فقال الهروي وغيره: تعنى سريع الحزن والبكاء وهو الأسوف أيضاً، والأسيف في غيرها العَبْد، وأما الأسِف فهو الغضبان ومنه قوله تعالى:{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا}(٣٣).