للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

السنة النبوية التي هي المصدر المَعين الثريّ في الاستنتاج من بيان الأسوة الأولى الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - فقد صرف لها الإِمام المازري عناية بالغة لم تفتقر إلى تكميل أساسي بل إلى ما هو من الإِفاضة من نبعه ذاته.

نال الحديث النبوي من الأصحاب الكرام اهتماما وتتبعا للدقيق والجيل، وهو مما امتاز به الإِسلام عن الديانات السماوية الأخرى إذ لم يحتفظ المتصلون بأصحاب الرسالات بالمحيطات النبوية حيث لم تتمكن رسالتهم حين الظهور ولم تتصل بالأنبياء المرسلين لأن رسالة موسى عليه السلام عاشت في التيه، ورسالة المسيح عليه السلام بلغت بوسائط.

أما الإِسلام فإن الصحابة حافظوا على الأطوار النبوية كلّها المتعلقة بنزول التشريع فلذلك حافظ الإِسلام على التشريع الإلهى صافيا نقيّا لم تكدره الشوائب.

فالأسوة النبوية لا توجد إلا في الإِسلام حيث تمتع الإِسلام بأنه الدين الوحيد الذي استطاع أن يظهر في مظهر دين ودولة، فما انتقل - صلى الله عليه وسلم - إلا والإِسلام قائم الذات متمكن في الأرض.

بينما موسى عليه السلام لم يلق من بني إسرائيل الأكفاء الذين يضطلعون بالأسس الدولية حتى يقوموا بأعباء دين ودولة بينما الإِسلام قد تهيأت له الأسباب في الهجرة إذ توفرت الدواعي للاضطلاع بإبراز الدين في أكمل الصور وأتمها.

فظهر الإِسلام بالمظهر الباهر الذي بوأ المسلمين مركز القيادة، وسهّل لهم أن يبلّغوا الرسالة مكتملة لأن تبقى خالدة في جدّة وحياة مستمرة.

وهذا المعنى الكامن في السنة النبوية وهي الروح التشريعية التي امتاز بها الإِسلام ركز عليها الإِمام المازرى في "المعلم" لأن من سبقه من شرّاح الحديث يتعلق بالجانب اللفظي أكثر بما يتعلق بالمعاني السامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>