وقد اختلف عندنا على قولين في المصلى إذا تَعَايا من لبس معه في صلاة في قراءته فردّ المصلي عليه هل تفسد بذالك صلاته؟ فجعله في أحد القولين بِرَدّه عليه كالمتكلم، وإن كان إنما قرأ قرآنا.
قال الشيخ -وفقه الله-: ولم يذكر في الحديث أمره بإعادة الصلاة لما وقع ذلك منه على جهة الجهل. وهذا حجة على المخالف في قوله: إن المتكلم ناسيا في الصلاة تفسد صلاته، لأنه إذا لما تفسد في الجهل فأحرى أن لا تفسد في النسيان.
قوله في هذا الحديث:"والله مَا كَهَرَنِي".
قال أبو عبيد وغيره: الكهْر الانتهار، وفي قراءة عبد الله:"فَأمَّا اليَتِيمَ فَلَا تكْهَرْ"(٧٠).
وفيه أيضاً:"إنّ منّا رِجَالاً يأْتُون الكُهَّانَ. قال: فلا تأتيهم".
قال الشيخ -وفقه الله-: نهاهم - صلى الله عليه وسلم - عن إتيان الكهان لأنهم يجرّهم ذلك إلى تغيير الشرائع ثم يُلَبِّسون عليهم، والكاهن يُخْبِر عن غيب عن طريق غير موثوق به.
ومعنى قوله لما قال:"ومنّا رجال يتطيّرون" ذلك شَيْءّ يجدونه في صدورهم، أي يجدون ذلك ضرورة فلا ملام عليهم فيه ولكن إنما يكون اللوم على توقفهم عن إمضاء حوائجهم لأجل ذلك وهو المكْتسب فنهاهم أن يصدهم ذلك عَمَّا أرادوا فعله.
وقوله فيه:"كَانَ نَبِيءٌ مِنَ الأنْبِيَاءِ يَخُطُّ فمن وافق خَطَّهُ فذالك".
أي من أصاب ذلك فقد أصاب. وقيل: إنّما ذلك على جهة الإِبعاد لمن يسلك هذا فكأنه يقول: وكيف لكم موافقة خطه؟