للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خاطرٌ ونزْغة من الشيطان غير مستقرة لأن إيمان الصحابة رضي الله عنهم فوق إيمان من بعدهم واختلاف القراءات ليس بعظيم الموقع في الشبهات كيف وقد يتصور في النبوءات من القوادح للملحدين ما يتعب الذهن ويكدّ الخاطر الانفصال عنه. ولم ينقل عن أحد من الصحابة أنه تشكك بسبب ذلك ولا أصغى إليه وهل تبديل القراءات إلا أخفض (٢٠٧) مرتبة من النسخ الذي هو إزالة القرآن والأحكام رأسا ثم لم ينقدح في نفس أحد منهم بسبب ذلك شك مستقر فوجب لأجل هذا أن يحمل على أُبَيٍّ ما قلناه.

٣١٨ - قول عَلْقَمَةَ: "لَقِيتُ أبَا الدَّرْدَاء فقَال لِي: هَلْ تَقْرَأ قِرَاءَةَ ابْن مَسْعُود؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَاقْرَأ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (٢٠٨) قال: فقرأت {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (٢) وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} فضحك ثم قال: هكذا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها". وفي بعض طرقه: "ولكن هؤلاء يريدون أن أقرأ {وَمَا خَلَقَ} ولا أتابعهم" (ص ٥٦٥).

قال الشيخ -وفقه الله-: يجب أن يعتقد في هذا الخبر وفيما سواه مما هو بمعناه مما جعلته الملحدة طعنا في القرآن وَوَهْنًا في نقله أن ذلك كان قرآنا ثم نسخ ولم يعلم بعض من خالف بالنسخ فبقي على الأول. ولعل هذا إنما يقع من بعضهم قبل أن يتصل به مصحف عثمان رضي الله عنه المجمع عليه، المحذوف منه كل منسوخ قراءته. وأما بعد ظهور مصحف عثمان رضي الله عنه واشتهاره فلا يظن بأحد منهم أنه أبْدَى فيه خلافاً. وأما ابن مسعود رضي الله عنه فقد رويت عنه روايات كثيرة، منها لم يثبت عند أهل النقل وما ثبت منها مما يخالف ظاهره ما قلناه فإنه محمول على أنه كان يكتب في مصحفه القرآن ويلحق به من بعض الأحكام والتفاسير ما يعتقد أنه ليس بقرآن ولكن لم ير تحريم ذلك عليه، ورأى أنها صحيفته


(٢٠٧) في (ب) "أنفذ".
(٢٠٨) (١) سورة الليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>