وقد يستلوح من قوله:"من توضّأ" كون الغسل غير واجب لما أثنى على المتوضىء ولم يذكر غسلا. وتحقيق دلالة هذا اللفظ على هذا المعنى يفتقر إلى بسط.
٣٣١ - قوله:"مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إلَاّ بَعْدَ الجُمُعةِ فِي عَهْدِ النَّبِيءِ - صلى الله عليه وسلم -"(ص ٥٨٨).
قال الشيخ -وفقه الله-: يحتج به ابن حنبل على جواز صلاة الجمعة قبل الزوال. ومحمله عندنا على أن المراد به التبكير، وأنهم كانوا يتركون ذلك اليوم القائلة والغداء لتشاغلهم بغسل الجمعة والتهجير. وقد ذكر مسلم بعد هذا:"كنا نجتمع مع النبيء - صلى الله عليه وسلم - إذَا زَالَتِ الشَّمْس ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَّبعُ الْفَيْء".
٣٣٢ - قول ابن عمر رضي الله عنه:"كَانَ النَّبِيء - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَائِمًا ثُمَّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ"(ص ٥٨٩).
قال الشيخ: الخطبة من شرطها القيام والجلوس بين الخطبتين. وأجاز أبو حنيفة الخطبة جالسا. وقال ابن القصَّار من أصحابنا: الذي يَقْوَى في نفسى أن القيام فيها والجلوس سنة.
وقول جابر "أنَّ النبيء - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا ثمّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ قَائِما فمَنْ قَالَ: إنَّهُ كَانَ يخْطُبُ جَالِسًا فَقَدْ كَذَب فَقَدْ وَالله صَلَّيْتُ مَعَهُ أكْثَرَ مِنْ ألْفَيْ صَلَاةٍ"(٢٣٣).
قال الشيخ: يحمل هذا على المبالغة إن كان أراد صلوات الجمعة لأن هذا القدر من الجُمع إنما يكمل في نيف وأربعين عاماً. وهذا القدر لم يصله النبيء - صلى الله عليه وسلم - أو يكون أراد سائر الصلوات. وقد ذكر مسلم بعد هذا:
(٢٣٣) أخرجه مسلم في باب "ذكر الخطبتين قبل الصلاة" (ج ٢، ص ٥٨٩).