قال الشَّيْخُ: ذهب بعض الناس إلى أن الخفين لَا يُقطعان، لأن ذلك من إضاعة المال. وهذا الحديث رَدٌّ عليه. واختلف المبيحون قَطْعَ الخفين إذَا قَطَعهما وَلِبسَهما هَلْ يفتدي أم لا؟ فقيل: لا شيء عليه. وقيل: بل عليه الفدية. وليس ترخيصُهُ له في الحديث بمسقط للفدية كما أن الرخصة في حلق الرأس لم تسقُط معها الفدية.
ذُكر في حديث ابن عباس:"أنه إن لم يجد الإزار فليلبس السراويل"(ص ٨٣٥). وقال بذلك الشافعي، ولم يأخذ به مالك لسقوطه في رواية ابن عمر.
٤٥٩ - قوله - صلى الله عليه وسلم - لِلْمُعْتَمِر:"انْزِعْ عَنْكَ الجُبَّةَ وَاغْسِلْ عَنْكَ الصُّفْرَةَ"
(ص ٨٣٦).
قال الشيخ: لا خلاف في منع استعمال الطِّيب بعد التلبس بالإِحرام. واختلف الناس في جواز استعماله قبل الإِحرام واستدامته بعده. فمنع من ذلك مالك تعلقاً بهذا الحديث. وفيهِ أنه أمره بغسل ما عليه منه، وأجاز ذلك الشافعي وتأوَّل هذا الحديث على أن الطِّيب كان من زعفران وقد نُهِيَ الرجل أن يتزعفر. واحتج لمذهبه بقول عائشة:"كنت أطيِّب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإِحرامه قبل أن يحرم وَلِحلِّهِ قبل أن يطوف بالبيت". وانفصل أصْحَابُ مالك عن هذا بأنه يمكن أن تَكُون طيَّبتْه بما لا تبقى ريحه، أو يكون اغتسل للإِحرام بعد أن طيبته فذهب الطّيب عنه.
وقال أبو الفرج من أصحاب مالك: هذا من خواصّ النبيء عليه السلام لأن المحرم انما منع من الطِّيب لئلا يدعوه إلى الجماع والنبيء - صلى الله عليه وسلم - كان يملك إربه فيؤمن عليه -عليه السلام- من التطيّب (٤)، فإن قيل: فَلِمَ لَمْ