للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بينه وبين ملك اليمين إذ لا يصح على مذهب أهل الأصول التخيير بين واجب وما ليس بواجب، لأن ذلك مُؤَدٍّ إلى إبطال حقيقة الواجب، وأن يكون تاركه غير آثم.

ولهم أيضًا قول الله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (٣) ولا يقال في الواجب: أنت غير ملوم إن فعلته. وهذا نحو ما قال عروة لعائشة في السعي: "إنه لو كان واجبًا لم يقل: لا جناح عليك في فعله". وينفصلون عن حديث الباءة بأن داود إنما يوجب العقد خاصة دون الوطء (٤)، وذلك لا يحصل معه ما ذكر في الحديث من تحصين الفرج وغضّ البصر.

وقد قال بعض أصحابنا: إن قوله عليه السلام في هذا الحديث: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم" فيه حجة على أن النكاح ليس بواجب لأنه خيّر بينه وبين الصوم، والصوم المذكور هاهنا ليس بواجب. ونحا في هذا إلى ما ذكرنا من التخيير بين النكاح وملك اليمين، وليس هذا الأمر كذلك لأنه في الحديث رتب فقال: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم" وهذا غير مستحيل أن يجمع فيه بين واجب وغير واجب. ويصح أن يقول قائل: أوجبت عليك أن تفعل كذا فإن لم تستطع فأندبك إلى كذا.

وأما الحديث الذي فيه: "فمن رَغِب عن سُنَّتِي" حمله على من أراد أن يفعل من التبتُّلِ وتحريم المحللات عن نفسه ما قد فسر في الحديث.

قال الشيخ -وفقه الله-: والذي يطلق من مذهب مالك أن النكاح مندوب إليه. وقد يختلف حكمه بحسب اختلاف الأحوال؛ فيجب تارة عندنا في حق من لا ينكف عن الزنا، لأنه قد وقع لبعض أصحابنا إيجابه


(٣) (٦) المؤمنون.
(٤) في (أ) و (ج) و (د) "الوَطْىء".

<<  <  ج: ص:  >  >>