بذلك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لكونه كَافًّا لهم عن الطعن فيه. وقد نعت زيد بغير ما نعت به (٤٦) أبو داوُدُ.
وقد اختلف الناس في القول بالقافة، فنفاه أبو حنيفة، وأثبته الشافعي، ونفاه مالك في المشهور عنه في الحرائر وأثبته في الإِماء. وقد روى الأبهري عن الرازي عن ابن وهب عن مالك أنه أثبته في الحرائر والإِماء جميعًا. والحجة في إثباته حديث مُجزِّز هذا ولم يك - صلى الله عليه وسلم - لِيُسَرَّ بقول باطل.
وما تقدم أيضًا في حديث عبد بن زمعة أنه - صلى الله عليه وسلم - لما رأى شبهه بعُتبة أَمَر سودة بالاحتجاب منه، ولأن الفراش إنما قضى به من جهة الظاهر ولا يقطع منه على أن الولد لصاحب الفراش فإذا فقدنا الفراش المؤدي لغلبة الظن تطلَّبْنا الظن من وجه آخر وهو الشبه.
واحتج من نفاه بأنه - صلى الله عليه وسلم - لاعن في قصة العجلاني ولم يؤخر حتى تضع. ويرى الشبه قَدْ ذكر أيضًا في قصة المتلاعنين: إن جاءت به على صفة كذا فهو لفلان ثم لم ينقض حكمه لما جاءت به على الصفة المكروهة ولا حَدَّهَا، فَدَلَّ ذلك على أن الشبه غير معتبر. وانفصل عن هذا بأن ها هنا فراشا يرجع إليه وهو مقدم على الشبه، فلم ينقض الحكم المبني عليه بظهور ما يخالفه مما ينحط عن درجته كما لم ينقض الحكم بالنص إذا ظهر فيما بعد أن القياس بخلافه.
وحجة التفرقة أن الحرائر لهن فراش ثابت يرجع إليه ويعوَّل في إثبات النسب عليه فلم يلتفت إلى تطلب معنى آخر سواه أخفض منه رتبة، والأمة لا فراش لها فافتقر إلى مراعاة الشبه.