للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشيخ -وفقه الله-: الحكم بالتقويم ها هنا لما يلحق الشريك من الضرر بعيب العتق ولِحقّ الله تعالى في إكمال الحرية؛ فإن كان للشريك مال: فهل يعتق نصيب من لم يُعْتِق بالسراية أم بالتقويم؟ ففيه (٥) اختلاف في المذهب، وإن كان الشريك معسرا: فهل لمن لم يُعتق اتباعه بالقيمة في ذمته وإكمال العتق عليه؟ فيه أيضًا قولان في المذهب. وعند أبى حنيفة أن المعتق إن كان موسرًا كان للآخر أن يعتق نصيبه أو يضمن شريكه أو يُسْتَسْعَى العبد، وإن كان معسرًا كان لشريكه العتق والاستسعاء (٦).

وتعلق مالك في نفي الاستسعاء بقوله في طريق ابن عمر: "وَإلَاّ فَقَدْ عُتِقَ مِنْهُ ما عتق" وظاهر هذا نفي الاستسعاء. وتعلق أبو حنيفة برواية أبي هُريرة في الاستسعاء. وقد قال بعض أصحابنا: إنها زِيَادَةٌ من كَلَامِ قتادة تلبَّس على بعض الرواة فأضافها إلى نفس الحديث. وقد ذكر ابن المُنْذر ما يُصَحَّح مَا قالَهُ أصحابنا. وذكر في سند الحديث عن بعض رواته قال: وَكَان يُفْتِي قَتَادَةُ. وذكر الاستسعاء على أنه يحتمل أن يكون معنى قوله: "يستسعى العبد في نصيبه الذي لم يعتق"، أي يَخْتَدِمه بقدر نصيبه لئلَاّ يظن أنه يحرم استخدامه وإن كان قد وقع في بعض الروايات الاستسْعَاء في القيمة. وهذه الرواية تمنع هذا التأويل.

وقال بعض أصحابنا: لعلّ الراوي نقل بالمعنى، ولما سمع الاستسعاء في النصيب عبر عنه بالقيمة على ما فهم، وهذا عندي لا يعول عليه لأنه سوء ظن بالرواة، وتطريق إلى إفساد أكثر الأحاديث. وقد قالوا أيضًا هُمْ في تأويل الحديث الذي تعلقنا به: إن قوله: "وإلا فقد عُتق منه ما عتق" أنَّهُ أراد أن العتق بَرَدَ واستقر وإن تعذر الاستكمال لا يوفع ما وقع فيه والذي


(٥) في (ب) و (ج) "فيه".
(٦) في (ج) "أو الاستسعاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>