ذلك في شرحه لما جاء في حديث بشير بن أبي مسعود:"أمَا عَلِمْتَ أنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَل فَصَلَّى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -" الحديث (٦٠).
علق الإِمام المازري على أن هذا الحديث احتج به من يقول بجواز صلاة المفترض خلف المتنفل فذكر ما يأتي:"واحتج بهذا الحديث من يقول بجواز صلاة المفترض خلف المتنفل فقال: صلاة جريل كانت نافلة.
واعتضدوا برواية من روى في حديث جبريل: "بهذا أمرتَ" بالنصب؟ والجواب عن ذلك أن نقول: إن كنتم أخذتم ذلك من مقتضى الحديث لأجل إخباره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مأمور بذلك فلا حجة فيه، إذ ليس في إخباره له أنه أمر بذلك، دليل على أن جبريل لم يؤمر بذلك بل يصح أن يكون أمر أيضاً، وإن كنتم أخذتم ذلك من أن جبريل لا يكلف ما كلفناه من شريعتنا.
قيل: ولا يتعبد أيضاً على جهة التنفل فتكون في حقه نافلة، ويصح أن يقال أيضاً: إنما يتم لكم ما احتججتم به إذا سلم لكم أن تلك الصلاة كانت واجبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلو قيل إنما استقر عليه وجوبها بعد بيان جبريل له في اليومين جميعاً، فلا تكون واجبة في حقه حين صلاها مع جبريل بل لم يكن في الحديث تعلق في هذا.
وأما رواية من روى: "بهذا أمرتُ" بالرفع فهي حجة على رأي من يرى أن المأمور به هو الواجب، فيقول: لا يخلو أن يكون جبريل عليه السلام أمر أن يبلغ ذلك قولاً أو فعلاً، أو خير فيما شاء منهما، فلا يقال: إنه أمر أن يبلغ قولاً فخالف إذ لا يليق به ذلك. فإذا كان أمر أن يبلغه فعلاً أو خيّر فاختار الفعل صار بيانه واجباً وكأن المؤتمّ به ائتمّ بمن وجب عليه الصلاة.