للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما السكران فإن الحدود تلزمه. وقد حكى بعض الناس الإِجماع على أنه إذا قَتَل قُتِل. وقال بعض الناس: إنما فارق المجنون في ذلك لأنه متعدٍّ في شرب ما أزال عقله ومكتسب لما أدى إلى ذلك فكانت أفعاله كأفعال المكتسب القاصد. وقال بعضهم: فإنَّ رفع التكليف عن المجنون رخصة وتخفيف وهذا عاص بشربه والعاصي لا يرخص له. وأما عقوده فإن كان طلاقا أو عتاقا فالمشهور عندنا لزوم ذلك لأن ذلك من ناحية الحُدود فألحق بِهاَ في الحُكم. وقد رويت عندنا رواية شاذة في طلاقه أنه لا يلزم قياسا على المجنون. وسلّم بعض أصحابنا أنه لو صُبَّ في حلقه الخمر حتى ذهب عقله أن طلاقه لا يلزم حينئذ لأنه غير متعد في الشرب.

وأما بياعاته ففيها عندنا قولان: جمهور أصحابنا على أنها لا تلزمه لأنه بِسُكره يقصر ميزه (١٤) في معرفته بالمصالح عن السفيه والسفيه لا يلزمه بيعه وإن كان يقام الحد عليه كما يقام على السكران. وذهب بعض أصحابنا إلى أنه تلزمه بياعاته كما تلزمه الحدود، وأما هِباته فتجري على القولين في بياعاته هذا حكم أحد الأركان وهو المتعاقدان.

وأما المعقود به والمعقود عليه فحكمهما واحد. وإنما تحسين التقسيم أدى إلى إفرادهما بالذكر وإلاّ فكل معقود به معقود عليه فيجب أن تَعْلَمَ أنَّ ما لا منفعة فيه أصلا لا يجوز العقد به ولا عليه لأن ذلك يكون من أكل المال بالباطل ولم يقصد باذل ما يُنتفع به إلى الهبة فيجوز له، وهذا الذي لا منفعة فيه أصلا (١٥) لا يصح ملكه إذا كان مما نهى الشرع عن تملكه كالميتة والدم ولحم الخنزير والخمر، إلَاّ أن الخمر إذا أجزنا تخليلها فقد سهّل في إمساكها للتخليل بَعْضُ أصحابنا. وأما ما فيه منفعة مقصودة فلا يخلو من ثلاثة أقسام:


(١٤) في (ب) "تمييزه".
(١٥) "أصلا" ساقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>