للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثمن وأن العقد اشتمل عليها كما اشتمل على سائر المنافع سِوَاهَا، وهو عقد واحد على شيء واحد لا سبيل إلى تبعيضه والتعاوض على المحرم منه (ممنوع فمنع الكُلُّ لاستحالة التمييز وأنَّ الباقي من المنافع المباحة يصير ثمنه مجهولاً) (١٧) لو قدر جواز انفراده بالتعاوض (١٨).

وربما وقع في هذا النوع مسائل تُشكل على العالِمِ فيلحظ المسألة بعين فكرته فيرى المنفعة المحرّمة ملتبسا أمرها هل هي مقصودة أم لا؟ ويرى ما سواها منافع مقصودة محللة فيمتنع من التحريم لأجل كون المقصود من المنافع محلّلا ولا ينشَد لإِطلاق الإِباحة لأجل الإِشكال في تلك المنفعة المحرّمة هل هي مقصود أم لا؟ فيقف ها هنا المتورّع، ويتساهل آخر فيقول بالكراهة ولا يمنع ولا يحرم ولكنه يكره لأجل الالتباس، فاحتفظْ بهذا الأصل فإنه من مُذْهَبَات العلم ومن قتله علما هان عليه جميع مسائل الخلاف الواردة في هذا الباب وأفْتَى وهو على بصيرة في دين الله تعالى.

ويكفيك من أمثلة هذا الباب على اتساعها وكثرتها ما وقع لأصحابنا من الاختلاف في بيع كلب الصَّيْد فإنه من لم يسمع فيه حديثا بالنهي عن بيعه واستعمل هذا الأصل خرج له حكمه منه فيقول: في الكلب من المنافع كذا وكذا، ويعدد سائر منافعه ثم ينظر هل جميعها محرّم فَيمنع البيع أو محلل فيجيز البيع أو مختلفة فينظر هل المقصود المحرم أو المحلل؟ ويجعل الحكم للغالب على ما بسطناه، أو تكون منفعة واحدة محرمة خاصة وهي مقصودة فيمنع على ما بيناه، أو ملتبِس كونها مقصودة فيقف أو يكرهَ على ما بينّاه. والعرض على هذا الأصل هو سبب اضطراب أصحابنا فيه، وكذلك بيع النجاسات ليزبَّلَ بها النبات ما وقع فيه في المدونة وفي الموازية ولابن القاسم ولأشهب على هذا الأصل يعرض ومنه يعرف الحق فيه.


(١٧) ما بين القوسين ساقط من (ب).
(١٨) في (ب) "بالعوض" وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>