للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحاضر للبادي أنْ لا يستقصِي البادي وأنْ يُوجَدَ السبيل لغبنه. والمفهوم مِن النهي عن التلقي أن لا يغبن البادي بدليل قوله ها هنا: "فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار".

والانفصال عن هذا أنّا كنّا قدمنا أنَّ الشرع في مثل هذه المسألة وأخواتها انبنى (٣٦) على مصلحة الناس، والمصلحة تقتضي أن ينظر للجماعة على الواحد ولا يقتضي أن ينظر للواحد على الواحد، ولَمَّا كان البادي إذا باع لنفسه انتفع سائر أهل السوق فاشتروا ما يشترونه رخيصًا وانتفع سائر سكان البلد نُظِر لأهل البلد عليه. ولما كان إنما ينتفع بالرخْص المتلقي خاصة وهو واحد في قبالة الواحد الذي هو البادي لم يكن في إباحة التلقي مصلحة لا سيما وينضاف إلى ذلك علة ثانية وهي لحوق الضرر بأهل السوق في انفراد المتلقي عنهم بالرخص وقطع المواد عنهم وهم أكثر من المتلقي فَنُظِر لهم عليه فعادت المسألة إلى المسألة الأولى فصارا أصلا واحدًا وانقلب ما ظنه الظانُّ في هذا من التناقض بِأن صَارا (٣٧) مِثلين يؤكد بعضهما بعضا (٣٨).

وقد اختلف المذهب عندنا فيمن لم يقصد التلقي ولم يبرز إليه خارج المدينة بل مرّ به على بابه بعضُ البداة: هل يشتري منه ما يحتاج إليه قبل وصوله إلى السوق؟ فقيل بالمنع لعموم الحديث، وقيل بالجواز لأن هذا لم يقصد الضرر ولا الاستبداد دون أهل السوق فلمْ يمنع. وقد جعل له في بعض الطرق ها هنا الخيار إذا جاء السوق ولم يفسخ البيع لَمَّا كان النهي (٣٩) لحق الخلق لا لحق الله سبحانه، ومن لم تثبت عنده هذه الزيادة


(٣٦) في (ب) "بُني".
(٣٧) في (ج) "صار" بصيغة الإِفراد دون التثنية.
(٣٨) في (ب) "بعضه بعضا".
(٣٩) "النهي" ساقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>