للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن الخَراج بالضمان وأن المُعْتَلَّ لا يرد الغلَّة إذا رد بالعيب وهذا قد أمر ها هنا بالرد.

وجواب الجمهور من أصحابنا عن هذا أن يقولوا: أما الرد للتمر عن اللّبن فإنما ذلك لأنه قُوتُ بلدهم حينئذ وكأنه - صلى الله عليه وسلم - رأى أن اللبن كانوا يريدونه للقُوت، وهذا يحل محله وهو أصل كسبهم للقوت فقضَى به وإذا كان عيش بعض البلاد غيره من الطعام قضى بالغالب من عيشهم.

وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم -: "من ابتاع محفَّلة فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام فإن ردها ردّ معها مثلَ أو مثلي لبنها قمحا" وقد ذكر مسلم ها هنا صاعا من طعام لا سمراء وهذا يدل على ما قلناه من مراعاة حال قوت البلد.

وأما اقتصاره - صلى الله عليه وسلم - على الصاع مع اختلاف لبن الشاة والناقة واختلاف لبن النوق في أنفسها مع أنه لا يصح أن يلزم المتلفَ للكثير مثلُ ما يلزم المتلف لليسير، فقال بعض أهل العلم: إنما ذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يكون ذلك حدًا يرجع إليه ليرتفع الخصام ويزول التنازع والتشاجر، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - حريصًا على رفع التشاجر عن أمته.

وهذا كما قضى في الجنين بالغرّة ولم يفصِل بين الذكر والأنثى مع اختلافهما في الديات لأن هذه المواضع لما كان يتعذر ضبطها عند البينات كثر التنازع فيها فرفعه - صلى الله عليه وسلم - بأن جعل القضاءَ في ذلك واحدًا. وقد مر أبو يوسف وابن أبي ليلى على مقتضى القياس وقالا: يرد قيمة اللَّبن وحَمَلَا الحديث على أنه وقع بحكم الاتفاق لكون القيمة وقت قضائه - صلى الله عليه وسلم - بذلك صاعا من تمر.

وقد قال بعض أهل العلم: إذا غلا الصّاع حتى صار يسْتبشع القضاءُ به عِوَضَ اللَّبن لكونه مقاربا لقيمة الشاة كلها فإنه حينئذ لا يقضى به وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>