للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان الجواز أولى. وكمن باع صبرة طعام في داره فأراد المشترى أن يُبقيها في دار البائع شهرا فليس ذلك له باتفاق لأنه ليس من مقتضى الإِطلاق، فكذلك مسألتنا. وكأنَّ من منع يَرى أن العوائد في الثمار بقاؤها إلى الطياب فصار ذلك كالمشروط (٦٧). ولو اشترى صبرة طعام بالليل بحيث يتعذر نقلها قبل الصباح لم يلزم المبتاعَ إخراجُها من دار البائع في الوقت الذي لا يمكن الإِخراج فيه لأجل أنه كالمستثني بقاءها (٦٨) الزمن المعتاد. وإذا كان محمل البيع على التبقية عند هؤلاء وجب المنع بلا شك.

وأما إذا بيعت الثمرة بعد الزهو مطلقا فعندنا تجب التبقية، وعند أبي حنيفة يجب القطع. وكذلك إذا بيعت بعد الزهو بشرط التبقية فيجوز عندنا، ويمنع عنذ أبي حنيفة، وكان عنده النّماء الحادث زيادة لَمْ توجد ولم تتحصل فلا يصح العقد عليها.

وقد يعارَض في هذا الموضع بأن يقال: إن مذهبكم أنها بعد الزهو على التبقية، وليس ذلك من مقتضى الإِطلاق عندكم كما قلتموه في مسألة بيعها قبل الزهو على الإِطلاق.

قلنا: كأنَّ مالكا وأصحابَه رأوا أن العادة مطردة في مشتريها بعد الزهو أنه لا يشتريها إلا للتبقية وحتى تصير (٦٩) إلى حال يمكن ادخارها فيها، فحمل الإِطلاق على المعتاد في ذلك. ويؤكد جواز اشتراط التبقية بعد الزهو قوله: "نهى عن بيع الثَّمَر حتى يزهو" فجعل غاية النهي الزَّهْوَ فإذا وقع الزهو وقعت الإِجازة على الإِطلاق بخلاف ما قبل الزهو لأنه نهى عن ذلك


(٦٧) في (ب) "كالمشترط".
(٦٨) في (ب) "كالمستثنى بقاؤها".
(٦٩) في (أ) "يصير".

<<  <  ج: ص:  >  >>