للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في الثمرة إِذَا اشْتُرِيَتْ فأُجِيحَتْ فقال بعضهم بِوَضْع الجائحة (٩) على الإِطلاق قَلَّتْ أو كَثُرتْ لقوله "أمَرَ بِوَضْعِ الجوائح"، وللحديث الآخَر المتقدم وهو قوله: "لَا يحل لَكَ أنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا"، الحديث. ومن جهة الاعتبار أنها بقى فيها السَّقْيُ على البائع لتَنْمِيتهَا فكان ذلك كالتوفية بالكيل أو الوزن (١٠) والمكيل أو الموزون (١١) إذا تَلِفَ قبل الكَيْل أو الوزن (١٢) فهو من البائع فكذلك هذا. وقال الآخرون: لا توضع الجوائح قَلَّت أو كَثُرَتْ. وقد ذكر ها هنا أنه أصيب في ثمار ابتاعها فكثُر دينه فأمر - صلى الله عليه وسلم - بالصَّدقة عليه ودفع لغرمائه، فلو كانت توضع لَم يفتقر إلى هذا. وقال الأولون: قد تكون أُصيبت بعد الجدَاد وعليه دين من غيرها احتاج مَعَه للصدقة. قالوا: وقد قال في آخر الحديث لغرمائه "وليس لكم إلا ذلك" ولو كانت الجوائح لا توضع لكان لهم الطلب بالبقية. وينفصل هؤلاء عن هذا بأَن يحملوه على أن ليس لكم الآن إلا ذَلك لفلَسه وأنه يُنْظر إلى مَيْسُرة كما قال الله تعالى (١٣).

وأمَّا مالك فقال بوضعها إذا بلغت الثلث، وكأنَّه خَصّ الظواهر الأُوَل بضرب من الاستدلال، وذلك أن الثمر لا تنفك من سقوط يسير منها أو غير ذلك من الأسْبَاب المتلفة للحقير منها فكأَنَّ المشتري دخل على ذلك فلا قيام له به. وإذا وجب العفو عن اليَسِير فَمَا قَصُر عن الثّلُثِ في حكم اليسير على ما دلَّت عليه الأصول.

وقد قال بعض البغداديين من أصحابنا: الجائحة كاسمها، يشير إلى أن


(٩) في (ب) و (ج) "توضع".
(١٠) في (ب) و (ج) "والوزن".
(١١) في (أ) "والكيل والمكيل والموزون" هكذا.
(١٢) في (أ) "قبل الكيل والوزن".
(١٣) إشارة إلى الآية (٢٨٠) البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>