للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنه أشد ضررًا من غيره من السلع لأنه قد يدعوه المشتري إلى المقاسمة أو إلى البيع أو يضر به ويُسِيءُ جِواره. وهذه المعاني يعظم ضررها في العقار.

وقد اختلف أصحابنا في إثبات الشفعة في المسائل. وسبب اختلافهم ما وقع فيها من الإِشكال: هل تشبه العروض والسلع التي لا منفعة فيها، أو هي بالعقار أشبه مثل اختلافهم في الثمر إذا بيع منفردا فقيل فيه الشفعة لأنه من جملة الحائط وكأحد أجزائه وقيل لا شفعة فيه لأنه مِمَّا ينقل ويزال به (٤) فأشبه العروض.

وقد اختلف الناس في الشفعة في المقسوم؛ فمذهبنا أن لا شفعة فيه. وعند أبي حنيفة إثبات الشفعة في المقسوم، ورأى أن الشفعة تكون بالجوار، ولكنهم يضطربون في ترتيب الجوار ويقدمون الشريك على من سواه، والشريك في الطريق على الجار.

وقد اختلفت الأحاديث، فالذي في كتاب مسلم ها هنا إثبات الشفعة بالشركة، وفي بعض طرقه "كل شركة لم تقسم"، وفي غير كتاب مسلم "الشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة". فاعتمد أصحابنا على هذا الحديث في الرد على أبي حنيفة فقوله: "في كل ما لم يقسم" حصر للشفعة فيما لم يقسم. ودليله أنّه إذا قسم فلا شفعة. وقوله: "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة" فلو اقتصر على قوله: "فإذا وقعت الحدود" ولم يضف إليه قوله: "وصرفت الطرق" لكان ذلك حجة لأصحاب مالك في الرد على أبي حنيفة لأن الجار بينه وبين جاره حدود، ولكنه لما أضاف إليه قوله: "وصرفت الطرق" تضمَّن أنها تنتفي بشرطين: ضرب الحدود، وصرف الطرق، فيقول أصحابنا: صرف الطرق يراد به صرف الطرق التي


(٤) في (ب) خاصة "ويزال به الضرر".

<<  <  ج: ص:  >  >>