للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد خّرج الترمذي أيضاً قال - صلى الله عليه وسلم -: "الشريك شفيع والشفعة في كل شيء". وهذا أيضاً ظاهره القول بالعموم يثبت الشفعة فيما سوى العقار من العروض (٩). وقد شذَّ بعض الناس فأثبتها في العروض. وحكى بعض أصحاب الشافعي عن مالك نحوًا من هذا. قال شيخنا -رحمه الله-: وما أدري أين وقف لمالك على هذا؟ ولعله رأى قولنا في الحائط إذا بيع وفيه حيوان: إنَّ الشفعة فيه وفي حيوانه فظن من ذلك أن الشُّفعة تثبت في العروض، وليس كما ظن لأن الحيوان ها هنا لما كان من مصلحة الحائط أعطي حكمه في الشفعة لما بيع مضافا إليه.

والملك ينتقل في الرباع على ثلاثة أقسام: بمعاوضة وفيها الشفعة باتفاق، وبغير معاوضة وهي على قسمين: اختيارية وغير اختيارية فالاختيارية الهبة والصدقة، وغير الاختيارية الميراث. وقد حكى بعض أصحابنا الاتفاق على أن لا شفعة في الميراث. وانفرد الطابثي (١٠) فحكى عن مالك إثبات الشفعة في الميراث وهو قول شاذ لم يسمع إلا منه فيما أعلم، وأما الهبة والصدقة ففي إثبات الشفعة فيهما قولان مشهوران، فالإِثبات لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الشفعة فيما لم يقسم"، ولم يفرق بين أنواع الأملاك ولأنها لنفي الضرر، والضرر لا يختلف باختلاف طرق الملك. ووجه نفيها قوله في كتاب مسلم: "لَا يَحِلُّ لَهُ أنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ"، فكأنه أشار إلى أن ما تقدم في صدر الحديث من إثبات الشفعة إنما يكون في البيع لذكره البيع في آخر الحديث ولو كان غير البيع كالبَيْع لقال: لَا يحل أن يُخْرِج ملكه، وقال بعض شيوخنا: قوله: "لا يحل له أن يبيع حتى يُؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك" فيه إشارة إلى وجوب الشفعة قبل البيع.

وأما ما لا ينقسم من العقار: فهل فيه شفعة أم لا؟ فيه قولان عندنا


(٩) في (ج) "ومن العروض".
(١٠) في (ج) خاصة "الطافثي".

<<  <  ج: ص:  >  >>