للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إحداهما: أنهم (أي المغاربة) يستصعبون مخالفة الإِمام أبي الحسن الأشعري ويرونها هجنة عظيمة، والإِمام (أي أبو المعالي الجويني) لا يتقيد بالأشعري، ولا بالشافعي لاسيما في البرهان، وإنما يتكلم على حسب تأدية نظره واجتهاده، وربما خالف الأشعري وأتى بعبارة عالية على عادة فصاحته فلا تحمل المغاربة أن يقال مثلها في حق الأشعري.

والثانية: "أنه ربما ينال من الإِمام مالك رضي الله تعالى عنه كما فعل في مسألة الاستصلاح والمصالح المرسلة، وغيرها" (٧٤).

وما ذهب إليه ابن السبكي في الطبقات محل نظر، وذلك لأن. المازري في مسألة المصالح المرسلة قد أغمض الجفن عما قاله أبو المعالي الجويني كما وضحناه في بحث لنا نشر مع المحاضرات التي ألقيت في ملتقى ابن عرفة (٧٥).

وإنما الداعي إلى الإِمام المازري لشرح (البرهان) لإِمام الحرمين الجويني هو أنه درَّسه على عادته في تدريس الكتب المعتمدة، والبرهان كتاب معتمد في أصول الفقه اجتهد فيه صاحبه حتى انه لم يتبع الشافعي في أصول الفقه ولا أبا الحسن الأشعري، فيما يتصل بأصول الدين والمازري ميال إلى الاجتهاد فلذلك في درّس هذا الكتاب ولما وجد فيه إشكالات أثارها كما أشار إليه ابن السبكي كما قدمنا من قوله: "وعمل عليه إشكالات". وأثار المازري الإِشكالات لا من باب التحامل كما يقول ابن السبكي، وإنما لما درس الكتاب وقف على تلك الإِشكالات فأبداها في درسه.

أليس يحق له أن يُبدي الإِشكالات حين يرى أن إمام الحرمين يبدو من كلامه إنكار علم الله تعالى بالجزئيات مثلا؟


(٧٤) طبقات الشافعية الكبرى (ج٥ ص ١٩٢).
(٧٥) ص ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>