للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن النذر (٣) والحضُّ على (٤) الوفاء به. وهذا عندي بعيد من ظاهر الحديث. ويحتمل عندي أنْ يكون وجه النهي أن الناذر يأتي القربة مُسْتَثْقِلاً لها لَمَّا صارت عليه ضربة لازم، وكل محبوس الاختيار فإِنه لا ينبسط للفعل ولا ينشط إِليه نشاط مطلق الاختيار، فقد كره مالك -رحمه الله- أن ينذر الإِنسان صوم يَوْم بعينه يُؤقِّتهُ (٤). وعلل قوله شيوخنا بمثل هذا الذي قلناه.

ويحتمل أيضاً أن يكون الناذر لما لم يبذل ما بذَل مِنَ القربة (٥) إلا بشرط أن يُفعل له ما يختار صار ذلك كالمعاوضة التي تقدح في نية المتقرب ويذهب الأجر الثابت للقربة المجردة. وفي الحديث "مَنْ عَمِلَ عملا أشرك فيه غيره فهو له" ويشير إلى هذا التأويل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لا يأتي بخير"، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن النَّذْرَ لَا يغْنِي من القدر شَيْئًا" وقوله - صلى الله عليه وسلم - "إن النَّذْرَ لا يقرّب من ابن آدم شيئاً لم يكن الله قدَّره له" ولكن النذر قد يوافق القدَر فيُخرج بذلك من البَخيل ما لم يكن البخيل يُريد أن يخرج (٦). وهذا كالنص على هذا التعليل الذي قلناه لأنه أَخبر - صلى الله عليه وسلم - أن موافقة القدر تُخرج منه ما لم يرد (٧) أن يخرج وأن النذر ليس هو الجالب للقدر (٨).

٧٢١ - قوله: "كَانَتْ ثَقِيفُ حُلَفَاءَ لِبَنِي عَقِيل فَأَسَّرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ من أصْحَابِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأَسَّر أصْحَابُ النبيء - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنْ بَنِي عَقِيلٍ وأَصَابُوا معه العضْبَاءَ فَأَتَى عليه رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي الوِثَاقِ (فقال: يا


(٣) ما أثبتناه هو ما جاء في (أ) و (ب) و (د) "عن النذر"، وفي (ج) "بالنذور" كما تقدم.
(٤) "بعينه يوقته" ساقط من (أ).
(٥) في (ج) "عن الوفاء".
(٦) هذه الأحاديث روايات للحديث المشروح.
(٧) في (ج) "ما لم يكن يريد".
(٨) في (ج) "كالجالب على القَدَر".

<<  <  ج: ص:  >  >>