للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفعل ممتنعًا عليه لذاته، ثمَّ ينقلب فيصير مُمكنًا (١) لذَّاته من غير تجدُّد شيء، وليس للأوَّل حدٌّ محدود حتَّى يصير الفعل ممكنًا له عند ذلك الحدِّ، ويكون قبله ممتنعًا عليه.

فهذا القولُ تصوره كافٍ في الجزمِ بفساده، ويكفي في فساده أنَّ الوقتَ الَّذي انقلب فيه الفعل من الإحالة الذَّاتية إلى الإمكان الذَّاتي، إمَّا أنْ يصحَّ أنْ يُفْرَضَ قبلَهُ وقتٌ يمكن فيه الفعل أو لا يصح.

فإنْ قلتم: لا يصحُّ، كان هذا تحكُّمًا غير معقول، وهو من جنس الهَوَس.

وإن قلتم: يصح، قيل: وكذلك ما يفرض قبله لا إلى غاية، فما من زمن محقَّقٍ أو مقدَّرٍ إلا والفعل ممكن فيه، وهو صفة كمال وإحسان ومتعلَّق حمد الرب تعالى وربوبيته وملكه، وهو لم يزل ربًّا حميدًا (٢) ملكًا قادرًا، لم تتجدد له هذه الأوصاف، كما أنه لم يزل حيًّا مريدًا عليمًا. والحياة والعلم والإرادة والقدرة تقتضي آثارها ومتعلقاتها، فكيف يعقل حي قدير عليم مريد ليس له مانع ولا قاهر يقهره يستحيل عليه أن يفعل شيئًا البتة؟

فكيف يجعل هذا أصل أصول (٣) الدين، ويُجْعَل معيارًا على ما أخبر اللَّه سبحانه به ورسوله، ويفرَّق به بين جائزات العقول ومحالاتها؟


(١) من هنا سقط من "ج" إلى ص (٧٣٣).
(٢) في نسخةٍ على حاشية "أ": "جميلًا".
(٣) ليس في "ب".