للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما الطريق الأول: فالإجماع الذي ادعيتموه غير معلوم، وإنما يظن الإجماعَ في هذه المسألة من لم يعرف النزاع - وقد عُرِفَ النزاعُ فيها قديمًا وحديثًا - بل لو كلف مُدَّعِي الإجماع أن ينقل عن عشرة من الصحابة فما دونهم إلى الواحد أنَّه قال: إن النار لا تفنى أبدًا، لم يجد إلى ذلك سبيلًا.

ونحن قد نقلنا عنهم التصريح بخلاف ذلك فأوْجِدوا لنا (١) عن واحد منهم خلاف ذلك، بل التابعون حكي عنهم هذا وهذا.

قالوا: والإجماع المُعْتدُّ به نوعان متفق عليهما، ونوع ثالث مختلف فيه، ولم يوجد واحد منها (٢) في هذه المسألة.

النوع الأول: يكون معلومًا من ضرورة الدين، كوجوب أركان الإِسلام، وتحريم المحرمات الظاهرة.

الثاني: ما ينقل عن أهل الاجتهاد التصريح بحكمه.

الثالث: أن يقول بعضهم القول، وينتشر في الأمة، ولا ينكره أحد.

فأين معكم واحد من هذه الأنواع؟! ولو أن قائلًا ادعى الإجماع من هذا الطَّرَفِ واحتج بأن الصحابة صح عنهم ذلك ولم ينكر أحد منهم عليه = لكان أسعد بالإجماع منكم.


(١) قوله "فأوجدوا لنا" في "ب، د" "فما وجدنا"، وفي نسخة على "د" "فأوجدنا"، وفي "أ، هـ": "فأوجدونا".
(٢) قوله "يوجد واحد منها" وقع في "ب، د": "يوجد واحدا منهما"، وفي "هـ": "يوجد واحد منهما".