قالوا: وأما الطريق الثاني: وهو دلالة القرآن على بقاء النار وعدم فنائها، فأين في القرآن دليل واحد يدل على ذلك؟! نعم، الذي دلّ عليه القرآن أن الكفار خالدين في النار أبدًا، وأنهم غير خارجين منها، وأنهم لا يُفَتَّر عنهم عذابها، وأنهم لا يموتون فيها، وأن عذابهم فيها مقيم، وأنه غرام لازم لهم، وهذا كله مما لا نزاع فيه بين الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين، وليس هذا مورد النزاع، وإنما النزاع في أمر آخر، وهو: أنَّه هل النار أبدية أو مما كُتِبَ عليها الفناء؟ وأما كون الكفار لا يخرجون منها، ولا يفتر عنهم من عذابها، ولا يُقْضَى عليهم فيموتوا، ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سمِّ الخياط = فلم يختلف في ذلك الصحابة ولا التابعون ولا أهل السنة، وإنما خالف في ذلك من قد حكينا أقوالهم من اليهود والإتحادية، وبعض أهل البدع. وهذه النصوص وأمثالها تقتضي خلودهم في دار العذاب ما دامت باقية، ولا يخرجون منها مع بقائها البتة، كما يخرج أهل التوحيد منها مع بقائها. فالفرق بين من يخرج من الحبس -وهو حبس على حاله- وبين من يبطل حبسه بخراب الحبس وانتقاضه.
قالوا: وأما الطريق الثالث: وهو مجيء السنة المستفيضة بخروج أهل الكبائر من النار دون أهل الشرك، فهي حق لا شك فيه، وهي إنما تدل على ما قلناه من خروج الموحِّدين منها، وهي دار عذاب لم تَفْنَ، ويبقى المشركون فيها ما دامت باقية، والنصوص دلت على هذا وعلى هذا.
قالوا: وأما الطريق الرابع: وهو أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقفنا على ذلك