للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المتقدم وكذا سورة الحجرات لتضمنها من الأمر بتعزيز النبي - صلى الله عليه وسلم - وإجلاله ما يقر عين المؤمن ويقتل العدو الحاسد وما فيها أيضا من ائتلاف أمر المؤمنين وجمع كلمتهم وتآخيهم، وموقع هذا من العدو بحيث لا يخفى على أحد، وأما سورة "والذاريات "، "والطور"، "والنجم "، فما تضمنته مما ذكرناه قبل أوضح شيء، وبذلك افتتحت كل سورة منها، فتأمل مطالعها، ففي ذلك كفاية في الغرض، فلما انتهى ما قصد من تقريع مكذبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبلغت الآي في هذه

السور من ذلك أقصى غاية، تمحض باطلهم وانقطع دابرهم، ولم يجدوا جوابا، عرض عليهم سبحانه في سورة القمر أحوال الأمم مع أنبيائهم وكان القصد من ذلك - والله أعلم مجرد التعريف بأنهم ذكروا فكذبوا فأخذوا ليتبين لهؤلاء أن لا فرق بينهم وبين غيرهم، وأن لا يغرهم عظيم حلمه سبحانه عنهم، فهذه السورة إعذار عند تبكيتهم وانقطاع حجتهم بما تقدم، وبعد أن انتهى الأمر في وعظهم وتنبيههم بكل آية إلى غاية يعجز عنها البشر، لهذا افتتح سبحانه هذه السورة بقوله: (وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (٥)

وختمها بقوله: "أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ"

وهذا يبين ما قدمناه، وكأن قد قيل أى فرق بينكم وبين من

تقدم حتى ترتكبوا مرتكبهم وتظنون أنكم ستفوزون بعظيم جرأتكم، فذكر

سبحانه لهم قصة كل أمة وهلاكها عند تكذيبها بأعظم إيجاز وأجزل إيراد

وأفحم عبارة وألطف إشارة فبدأ بقصة قوم نوح "كذبت قبلهم قوم نوح "

إلى قوله: "ولقد تركناها آية فهل من مدكر فكيف كان عذابى ونذر"

ثم استمر في ذكر الأمم مع أنبيائهم حسب ما ذكروا في السور الواردة

<<  <   >  >>