ثم قال تعالى:(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (١٠)
ثم قال تعالى:(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١١)
ثم قال تعالى: (ولقد كذب رسل من قبلك فصبروا على
ما كذبوا.... الآية " (الأنعام: ٣٦) وقال تعالى: "ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء...... الآية (الأنعام: ٤٢) وقال تعالى: "يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي" فوقعت
الإحالة في هذه الآي على الاعتبار بالأمم السالفة وما كان منهم حين كذبوا أنبياءهم وهلاك تلك القرون بتكذيبهم وعتوهم وتسلية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجريان ما جرى له لمن تقدمه من الرسل
فاستدعت الإحالة والتسلية بسط أخبار الأمم السالفة وهلاك تلك القرون الماضية، والإعلام بصبر الرسل عليهم السلام وتلطفهم في دعائهم ولم يقع في
السور الأربع قبل سورة الأنعام مثل هذه الإحالة والتسلية، وقد تكررت في سورة الأنعام
كما تبين بعد انقضاء ما قصد من بيان طريق المتقين أخذا وتركا وحال من حاد عن سننهم ممن رامه أو قصده فلم يوفق له، ولا تم له أمل من الفريقين المستندين للسمع والمعتمدين للنظر، فحاد الأولون بطارىء التغيير والتبديل وتنكب الآخرون سوء التأويل وقصور الأفهام، وعلة حيد الفريقين السابقة الأزلية.