للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قصدتم فتنته في دينه، بدون حال بني إسرائيل حين كان فرعون يمتحنهم

بذبح أبنائهم، فهلا تأملتم عاقبة الفريقين وسلكتهم أنهج الطريقين "أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم" إلى قوله: "فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون " (غافر: ٨٢) ، فلو تأملتم ذلك لعلمتم أن العاقبة للمتقين فقال سبحانه بعد افتتاح السورة "إن فرعون علا في الأرض " (آية: ٤) ، ثم ذكر من خبره ما فيه عبرة، وذكر سبحانه آياته الباهرة في أمر موسى عليه السلام وحفظه ورعايته وأخذ أم عدوه إياه "عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا" (آية: ٩) فلم يذبح الأبناء خيفة من مولود يهتك ملكه حتى إذا كان ذلك المولود تولى بنفسه تربيته وحفظه وخدمته ليعلم لمن التدبير والإمضاء، كيف يقود سابق الحكم والقضاء فهلا سألت قريش وسمعت وفكرت واعتبرت "أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى: " (طه: ١٣٣) .

ثم أتبع سبحانه ذلك بخروج موسى عليه السلام من أرضه "فخرج منها

خائفا يترقب " (آية: ٢١) وما ناله عليه السلام في ذلك الخروج من عظيم

السعادة، وفي ذلك شبهة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خروجه من مكة وتعزية له، وإعلام بأنه تعالى سيعيده إلى بلده ويفتحه عليه، وبهذا المستشعر من هنا صرح آخر السورة في قوله تعالى: "إن الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد"

وهذا كاف فيما قصد.

<<  <   >  >>