عَلَيْهِ شَبِيهًا بِمَنِيِّ الرِّجَالِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، حَتَّى تَنْبُتَ اللُّحُومُ عَلَى أَجْسَادِهَا كَمَا تَنْبُتُ الطَّرَاثِيثُ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ ثُمَّ يُؤْذَنُ بِالنَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ فَيَنْفُخُ بِالصُّورِ فَيُخْرِجُ الأَرْوَاحَ فَيَدْخُلُ كُلُّ رُوحٍ فِي الْجَسَدِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ، قَالَ حُذَيْفَةُ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ تَعْرِفُ الرُّوحُ الْجَسَدَ، قَالَ نَعَمْ يَا حُذَيْفَةُ إِنَّ الرُّوحَ لأَعْرَفُ بِالْجَسَدِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ مِنْ أَحَدِكُمْ بِمَنْزِلِهِ، فَيَقُومُ النَّاسُ فِي ظُلْمَةٍ لَا يُبْصِرُ أَحَدُهُمْ صَاحِبَهُ فَيَمْكُثُونَ بِمِقْدَارِ ثَلاثِينَ سَنَةً، ثُمَّ تَنْجَلِي عَنْهُمُ الظُّلْمَةُ وَتُفَجَّرُ الأَنْهَارُ وَتُضْرَمُ النَّارُ وَيُحْشَرُ كُلُّ شئ فَوْجًا لَفِيفًا لَيْسَ يَخْتَلِطُ الْمُؤْمِنُ بِالْكَافِرِ وَلا الْكَافِرُ بِالْمُؤْمِنِ، وَيَقُومُ صَاحِبُ الصُّورِ عَنْ صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيُحْشَرُ النَّاسُ عُرَاةً حُفَاةً غُرْلا مَا عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ طَحْلَبَةٌ، وَقَدْ دَنَتِ الشَّمْسُ فَوْقَ رُؤْسهمْ، بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا بِمِقْدَارِ سَنَتَيْنِ وَقَدْ أُمِدَّتْ بِحَرِّ عَشْرِ سِنِينَ فَيُسْمَعُ لأَجْوَافِ الْمُشْرِكِينَ غَقْ غَقْ فَيَنْتَهُونَ إِلَى أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا السَّاهِرَةُ وَهِيَ بِنَاحِيَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ تَسَعُ النَّاسَ وَتَحْمِلُهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَقُومُ النَّاسُ عَلَيْهَا، ثُمَّ جَثَا رَسُول الله عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: لَيْسَ قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَلَكِنْ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ لَا يَلْتَفِتُ أَحَدُهُمْ يَمِينًا وَلا شِمَالا وَلا خَلْفًا، وَقَدِ اشْتَغَلَتْ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا آتَاهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} فَيَقُومُونَ مِقْدَارَ مِائَةِ سَنَةٍ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ تِلْكَ الْمِائَةَ سَنَةٍ كَقَوْمَةٍ فِي صَلاةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِذَا تَمَّ مِقْدَارُ سَنَةٍ انْشَقَّتْ سَمَاءُ الدُّنْيَا وَهَبَطَ سُكَّانُهَا وَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ فَيُحِيطُونَ بِالْخَلْقِ ثُمَّ تَنْشَقُّ السَّمَاءُ الثَّانِيَةُ وَيَهْبِطُ سُكَّانُهَا وَهُمْ أَكْثَرُ مِمَّا هَبَطَ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَمِنْ أَهْلِ الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ، وَلا يَزَالُ تَنْشَقُّ سَمَاءً سَمَاءً وَيَهْبِطُ سُكَّانُهَا حَتَّى تَنْشَقَّ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ وَيَهْبِطَ سُكَّانُهَا أَكْثَرَ مِمَّا أُهْبِطَ مِنْ سِتِّ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ أَهْلِ الأَرْض مرَّتَيْنِ ثمَّ يجِئ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتعَالَى فِي ظُلَلٍ من الْغَمَام وَأول شئ يُكَلِّمُ الْبَهَائِمُ فَيَقُولُ: يَا بَهَائِمِي إِنَّمَا خَلَقْتُكُمْ لِوَلَدِ آدَمَ، فَكَيْفَ كَانَتْ طَاعَتُكُمْ لَهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ. فَتَقُولُ الْبَهَائِمُ: رَبَّنَا خَلَقْتَنَا لَهُمْ فَكَلَّفُونَا مَا لَمْ نُطِقْهُ وصبرنا لطلب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute