للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَدفع رَسُول الله الْقَضِيبَ إِلَى عُكَّاشَةَ، فَلَمَّا نَظَرَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ إِلَى ذَلِكَ قَامَا، فَقَالا يَا عُكَّاشَةُ هَذَانِ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَاقْتَصَّ مِنَّا، وَلا تَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهما النبى امْضِ يَا أَبَا بَكْرٍ وَأَنْتَ يَا عُمَرُ فَامْضِ، فَقَدْ عَرَفَ اللَّهُ مَكَانَكُمَا وَمَقَامَكُمَا، فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ يَا عُكَّاشَةُ أَنَا فِي الْحَيَاةِ بَيْنَ يدى رَسُول الله لَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ تَضْرِبَ رَسُول الله، فَهَذَا ظَهْرِي وَبَطْنِي اقْتَصَّ مِنِّي وَاجْلِدْنِي مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَقْتَصَّ من رَسُول الله. فَقَالَ النبى يَا عَلِيُّ اقْعُدْ فَقَدْ عَرَفَ اللَّهُ مَقَامَكَ وَنِيَّتَكَ، فَقَامَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فَقَالا يَا عُكَّاشَةُ أَلَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّا سِبْطَا رَسُولِ اللَّهِ، فالقصاص منا كَالْقصاصِ من رَسُول الله، فَقَالَ لَهَا النبى اقْعُدَا يَا قُرَّةَ عَيْنِي وَلا يُنْسَى لَكُمَا هَذَا الْمَقَامُ. فَقَالَ النبى اضْرِبْ إِنْ كُنْتَ ضَارِبًا، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ضَرَبْتَنِي وَأَنَا حاسر عَن بطنى، فكشف فَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ وَصَاحَ الْمُسْلِمُونَ بِالْبُكَاءِ، وَقَالُوا أَتَرَى عُكَّاشَةَ ضَارِبٌ رَسُول الله، فَلَمَّا نَظَرَ عُكَّاشَةُ إِلَى بَيَاضِ بطن رَسُول الله كَأَنَّهُ الْقُبَاطِيُّ لَمْ يَمْلِكْ أَنْ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَ بَطْنَهُ، وَهُوَ يَقُولُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، وَمَنْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْكَ، فَقَالَ لَهُ النبى إِمَّا أَنْ تَضْرِبَ وَإِمَّا أَنْ تَعْفُوَ، فَقَالَ عَفَوْتُ عَنْكَ رَجَاءَ أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنِّي فِي الْقِيَامَة، فَقَالَ النبى مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا الشَّيْخِ. فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ فَجَعَلُوا يُقَبِّلُونَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْ عُكَّاشَةَ، وَيَقُولُونَ طُوبَاكَ طُوبَاكَ نِلْتَ الدَّرَجَاتِ العلى، ومرافقة النبى، فَمضى رَسُول الله مِنْ يَوْمِهِ فَكَانَ مَرِيضًا ثَمَانِيَةَ عَشْرَةَ يَوْمًا يَعُودُهُ النَّاسُ. وَكَانَ وُلِدَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَبُعِثَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَقُبِضَ فِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحَدِ ثَقُلَ فِي مَرَضِهِ فَأَذَّنَ بِلالٌ بِالأَذَانِ، ثُمَّ وَقَفَ بِالْبَابِ فَنَادَى السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، الصَّلاةَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَسَمِعَ رَسُول الله صَوْتَ بِلالٍ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ يَا بِلَال إِن رَسُول الله الْيَوْمَ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ، فَدَخَلَ بِلالٌ الْمَسْجِدَ فَلَمَّا أَسْفَرَ الصُّبْحُ قَالَ وَاللَّهِ لَا أُقِيمُهَا أَوْ أَسْتَأْذِنُ سيدى رَسُول الله. فَرَجَعَ وَقَامَ بِالْبَابِ وَنَادَى السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الصَّلاةُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَوْتَ بِلالٍ. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ إِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>