للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأخرى؛ ولذالك قالا: إن المستعمل في الخبث لا يستعمل في خبث آخر إذا حكمنا

بطهارته، ويستعمل في رفع الحدث.

قال الماوردي: ومنهم من منع استعماله في الحدث أيضا. وفرق بأن حكم

الخبث أقوى؛ فلم يجز استعمال المستعمل فيه في غيره، والصحيح الأول.

والحالتان إنما تثبتان على البدل، وإلا فللماء قوة إباحية الوضوء والغسل، ومع هذا

فالمستعمل في لوضوء لا يستعمل في الغسل وبالعكس.

ثم هذا فيما إذا وقع أحد الاستعمالين منفكا عن الآخر، فلو وقعا معا بأن كان على

عضو من أعضاء طهارته نجاسة؛ فصب الماء عليه بقصد رفع الحدث، فهل يحكم

بطهارة المحل عن الحدث والخبث، أو عن الخبث فقط؟ فيه خلاف قدمته في باب

"صفة الغسل"، ومثله [ما] سلف أول الباب، والذي نذكره هنا أن المتولي قال: إن

الجنب لو قلب على رأسه ماء، وكان على بعض أعضائه نجاسة، فإن قلنا: إن

المستعمل في الحدث يستعمل في الخبث، زالت به النجاسة، واحتاج إلى تجديد

غسل ذلك المحل؛ لأجل الجنابة؛ لأنهما فرضان؛ فلا يؤديان بغسل واحد.

وإن قلنا: لا يستعمل في الخبث، فهل نحكم بطهارة الموضوع؟ فيه وجهان،

أحدهما: نعم؛ لأن الماء قائم على المحل، وإنما ثبت له صفة الاستعمال بعد

الانفصال.

قال: فإن بلغ قلتين، أي: بلغ الماء المستعمل في الطهارة قلتين، وقد قلنا: [إنه]

لا يجوز استعماله إذا كان دونهما – جازت الطهارة به؛ لأن تأثير الاستعمال في الماء

دون تأثير النجاسة [فيه]، وقد ثبت أن النجس إذا بلغ قلتين، جازت الطهارة

به؛ فهذا أولى.

ولأن الكثرة تمنع ثبوت حكم الاستعمال في الابتداء؛ كما نص عليه الشافعي

فتمنعه دواما؛ كما في النجاسة؛ وهذا ما نص عليه في " الأم " واختاره ابن سريج وأبو

إسحاق وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>