قال: النجاسة: هي البول .. إلى آخره، فاعلم أن الشيخ لما تكلم في إزالة النجاسة احتاج إلى تعريفها؛ إذ الكلام على الشيء بالرد والقبول فرع كونه معقولاً.
والنجاسة لغة: كل مستقذر.
وفي اصطلاح العلماء: كل عين حرم تناولها على الإطلاق مع إمكانه، لا لحرمتها، أو استقذارها، أو ضررها في بدن أو عقل.
وما ذكره الشيخ: أنواعها، وقد قيل: هذا يجوز؛ فإن النجاسة حكم الشرع على الأعيان المذكورة بامتناع استصحابها في الصلاة، وهذه الأعيان يتعلق الحكم بإطلاق النجاسة عليها كإطلاق العلم على المعلوم والقدرة على المقدور.
قلت: ولأجله حسن قول الشيخ من بعد: "وما ينجس بذلك" وإلا كان كلاماً ركيكاً وقد اعترض بعضهم على الشيخ، فقال كلامه يدل على أمرين:
أحدهما: أن هذه الأعيان نجسة.
والثاني: نفي النجاسة عما سواها. وليس الثاني بثابت.؛ لما ستعرفه.
وأنا أقول: الأول دال على أن هذه الأعيان نجاسة لا نجسة، والثاني ثابت؛ لأن كلام الشيخ يشمل ما ذكره وما في معناه، كما سنبينه- إن شاء الله تعالى- ومنه يظهر لك: أنه لا شيء بعده؛ فصح كلامه.
والدليل على نجاسة البول قوله- عليه السلام-: "اسْتَنْزِهُوا منَ الْبَولِ؛ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الَقبْر مِنْهُ" رواه الدارقطني.
وقال- عليه السلام لما مر بقبرين:"إِنَّهُما لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِير: أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْله" رواه مسلم.
وفي رواية "لاَ يَسْتَنْزِهُ عَنِ البَوْلِ أَوْ مِنَ البَوْلِ"؟