والأصل في حل ذلك من الكتاب قبل الإجماع آيات منها قوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} إلى قوله تعالى: {مَا دُمْتُمْ حُرُماً}[المائدة: ٩٦]؛ فدل منطوقها على حل صيد البحر، ومفهومها على حل صيد البر في حالة عدم الإحرام؛ كما دل عليه قوله تعالى:{أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} إلى قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}[المائدة: ١] وقد صرح به في أخرى، فقال تعالى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}[المائدة: ٢].
ومنها قوله تعالى:{قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ}[المائدة: ٤] والمزكى من الطيبات، ومن السنة ما سنذكره.
قال: ولا يحل من الحيوان المأكول شيء من غير ذكاة؛ لقوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ} إلى قوله: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ}[المائدة: ٣].
قال الماوردي: وفي الذكاة في اللغة ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها التطييب من قولهم: "رائحة ذكية"، أي: طيبة، فسمي به ذبح الحيوان؛ لما فيه من تطييب أكله.
والثاني: أنها القطع، فسمي بها ذبح الحيوان؛ لقطعه.
والثالث: أنها القتل، فسمي بها ذبح الحيوان؛ لقتله.
وقال في موضع آخر: في الذكاة في اللغة ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها التطييب، لكنها في الشرع: تطييب الذبيحة بالإباحة.
والثاني: أنها القطع، لكنها في الشرع: قطع على صفة [مخصوصة][فصارت في الشرع قطعاً خاصاً، وفي اللغة قطعاً عاماً].
والثالث- وإليه أشار الشافعي- رضي الله عنه-: أنها القتل؛ لأنها لا تستعمل إلا في النفوس، لكنها في الشرع قتل في محل مخصوص فصارت أخص منها في اللغة.
قال الشافعي- رضي الله عنه-: وجماع ما قال الله تعالى: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ}