قد تقدم أن اسم "الصدقة" مرادف لـ"الزكاة"، وإتيان الشيخ به في صدر هذا الباب دون باقي أبواب الزكاة؛ اتباعاً لكتاب أبي بكر- رضي الله عنه- الذي سنذكره.
قال: ولا تجب الزكاة في شيء من المواشي إلا في الإبل والبقر والغنم.
هذا الفصل سيق لبيان حكمين:
أحدهما: وجوب الزكاة في الإبل والبقر [والغنم]، ويجمعها اسم "الأنعام"؛ لأنها المختصة بهذا الاسم لغة؛ قال الله تعالى:{وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَاكُلُونَ}[النحل: ٥] ثم قال {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً}[النحل: ٨] ففصل ذلك عن الأنعام.
والدليل على وجوب الزكاة فيما ذكرناه قبل الإجماع من الكتاب قوله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}[التوبة: ١٠٣] والإبل والبقر والغنم من الأموال النفيسة، ومن السنة: ما روي عن رسول الله ? قال: "في الإبل صدقتها وفي البقر صدقتها، وفي الغنم صدقتها"، والأحاديث الدالة على ذلك كثيرة، وسنذكر منها في الباب ما تيسر إن شاء الله تعالى.
ثم المعنى الذي لأجله وجبت فيها الزكاة أنها تكثر منافعها، ويطلب نماؤها، فاحتملت المواساة بالزكاة، وبهذا يظهر لك اختصاص الوجوب بالإنسي من ذلك؛ لأنه الذي يقصد منه ما ذكرناه، وأما الوحشي من ذلك وغيره فلا يقصد ذلك منه، وقد ادعى الماوردي الإجماع على عدم الوجوب فيه؛ لاستواء الأغنياء والفقراء في تملكه والقدرة عليه، وأما المتولد بين البقر الوحشي والإنسي، أو بين المعز والظباء فلا تجب فيه الزكاة عندنا وإن كانت الأم مما يجب فيها الزكاة